في يسير الثواب لأنه لا يتمكن تحصيل ما لا يتناهى في الوجود لأنه لا يتناهى فلذلك قلنا متعلق الرضي اليسير وهو الرضي بالموجود فرضي به من الله وعن الله فيه وما قدم الله رضاه عن عبيد بما قبله من اليسير من أعمالهم التي كلفهم إلا ليرضوا عنه في يسير الثواب لما علموا إن عنده ما هو أكثر من الذي وصل إليهم فهو يصل إليهم مع الآنات حالا بعد حال أبد الآباد من غير انقطاع مع انقطاع أعمالهم التي كانت عن تكليف مشروع فانقطعت الأعمال منهم ولم تتقطع العبادة فإذا تناهى حد العمل الحسن والقبيح في أهل الجنة وأهل النار بقي جزاؤهم جزاء العبادة في السعداء وجزاء العبودية في أهل النار وهو جزاء لا ينقطع أبدا فهذا أعطاهم اتساع الرحمة وشمولها فإن المجرمين لم يزل عنهم شهود عبوديتهم وإن ادعوا ربانية فيعلمون من نفوسهم أنهم كاذبون بما يجدونه فتزول الدعوى بزوال أوانها وتبقي عليهم نسبة العبودية التي كانوا عليها في حال الدعوى وقبل الدعوى ويجنون ثمرة قولهم بلي فكانوا بمنزلة من أسلم بعد ارتداده فحكم على الكل سلطان بلي فأعقبهم سعادة بعد ما مسهم من الشقاء بقدر ما كانوا عليه من زمان الدعوى فما زال حكم بلي يصحبهم من وقته إلى ما لا يتناهى دينا وبرزخا وآخرة وعرضت عوارض لبعض الناس أخرجتهم في الظاهر عن حكم توحيدهم بما ادعوه من الألوهة في الشركاء فأثبتوه وزادوا فقام لهم الشركاء مقام الأسباب للمؤمنين وكل عارض زائل وحكمه يزول بزواله ويرجع الحكم إلى الأصل والأصل يقتضي السعادة فمال الكل إن شاء الله إليها مع عمارة الدارين ولكل واحدة ملؤها والرحمة تصحبها كما صحبت هنا العبودية لكل أحد ممن بقي عليها أو ادعى الربوبية فإنه ادعى أمرا يعلم من نفسه خلافه فمقام الرضي ما ثنته لك فقل فيه بعد هذا ما شئت حال أو مقام أو لا حال ولا مقام واعلم الفرق فيه بين النسبتين نسبته لله ونسبته للخلق والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والعشرون ومائة في معرفة ترك الرضي) ترك الرضي عند أهل الرسم مثلبة * وعند أهل وجود الله آيات على تحققهم بعين موجدهم * من حيث ما هم به محو وإثبات يرضى الإله عن النفس التي ربطت * بحكمه ولهم فيها علامات والنفس راضية عنه وليس لها * بالعين علم ولا بالوجد لذات وما سوى النفس من عقل فليس له * رضي وليست له فيها نهايات جناب الله أوسع من أن أرضى منه باليسير ولكن أرضى عنه لا منه لأن الرضي منه يقطع همم الرجال والله يقول آمرا نبيه ص وقل ربي زدني علما مع كونه قد حصل علم الأولين والآخرين وأوتي جوامع الكلم فإنه لا يعظم على الله شئ طلب منه فإن المطلوب منه لا يتناهى فليس له طرف نقف عنده فوسع في طلب المزيد إن كنت من العلماء بالله وإذا كان اتساع الممكنات لا يقبل التناهي فما ظنك بالاتساع الإلهي فيما يجب له وما يعطيه من المعرفة كل ممكن على عدم التناهي فيه فكيف إذا انضاف إلى تلك المعرفة ما لا تعلق للممكن بها لا من سلب ولا من إثبات نسب فإذا ترك العبد الرضي فعلى هذا الحد يتركه فهو راض عنه لا راض منه لأن الرضي منه جهل به ونقص والعبد الكامل مخلوق على صورة الكمال وأما قول بعضهم لي منذ ستين سنة أو كما وقت ما أقامني الله في أمر فكرهته قالت المشايخ أشار إلى دوام الرضي واحتجوا بهذا على ثبوت الأحوال فإن الرضي عندهم من الأحوال وهذا لا يصح من غير المعصوم والمحفوظ فربما كان هذا القائل من المحفوظين أو المعصومين فإن لم يكن فيريد الرضي بقضاء الله فيما أقامه لا بكل مقضي فإنه لا ينبغي الرضي بكل مقضي وإن رأيت وجه الحق فيه فإنك إذا كنت صحيح الرؤية فيه فإنك ترى وجه الحق فيه غير راض عنه فإن لم تره بذلك العين الإلهي وإلا فما رأيته إن رضيت به ولا يرضى لعباده الكفر فتحفظ من هذا الحال أو هذا المقام فإنه زهوق لا يثبت عليه الاقدام فإن فيه منازعة الحق (الباب الموفي ثلاثين ومائة في مقام العبودة)
(٢١٣)