هنا أنبياء الأولياء أهل النبوة العامة فيكون قد صرح بهذا القول إن الله قد أعطاه ما لم يعطهم فإن الله قد جعلهم فاضلا ومفضولا فمثل هذا لا ينكر (السؤال الرابع والثمانون) كم أجزاء الصديقية الجواب بضع وسبعون جزءا على عدد شعب الايمان الذي يجب على الصديق التصديق بها وليست الصديقية إلا للاتباع والأنبياء أصحاب الشرائع صديقون بخلاف أنبياء الأولياء الذين كانوا في الفترات وإنما كانت الأنبياء أصحاب الشرائع صديقين لأن أهل هذا المقام لا يأخذون التشريع إلا عن الروح الذي ينزل بها على قلوبهم وهو تنزيل خبري لا تنزيل علمي فلا يتلقونه إلا بصفة الايمان ولا يكشفونه إلا بنوره فهم صديقون للأرواح التي تنزل عليهم بذلك وكذلك كل من يتلقى عن الله ما يتلقاه من كون الحق في ذلك الإلقاء مخبرا فإنما يتلقاه من جانب الايمان ونوره لا من التجلي فإن التجلي ما يعطي الايمان بما يعطيه وإنما يعطي ذلك بنور العقل لا من حيث هو مؤمن فأجزاء الصديقية على ما ذكرناه لا تنحصر فإنه ما يعلم ما يعطي الله في إخباراته لمن أخبرهم فأجزاء الصديقة المحصورة هو ما وردت به الأخبار الإلهية بأن اعتقاد ذلك الخبر قربة إلى الله على التعيين وهي متعلقة بالاسم الصادق لا بد من ذلك فيتصور هنا من أصول طريق الله وأنه ما ثم إلا صادق فإنه ما ثم مخبر إلا الله فينبغي أن لا يكذب بشئ من الأخبار قلنا الصديق من لا يكذب بشئ من الأخبار إذا تلقى ذلك من الصادق ولكن الصديق إن كان من العلم بالله بحيث أن يعلم أنه ما ثم مخبر إلا الله فيلزمه التصديق بكل خبر على حسب ما أخبر به المخبر فإذا أخبر الصادق الحق بأن قوما كذبوا في أمر أخبروا به صدق الله في خبره أنهم كذبوا في كل ما أخبر به أنهم كذبوا فيه وإن الكذب هي صفة بالنسبة إليهم لا بالنسبة إلى الخبر فإن الخبر إذا نسبته إلى الصادق كان صدقا وإذا نسبته إلى الكاذب فيه كان كذبا وإذا نسبته إلى الكاذب لا فيه كان محتملا والذي يرى أن المخبر هو الله الصادق فإن ذلك الخبر في ذلك الحال هو صدق والمؤمن به صديق ثم أخبر الصادق الحق أن ذلك الخبر الذي نسبته إلي بأنه صدق أنسبه إلى الذي ظهر على لسانه نسبة كذب فاعتقد أنه كذب فيعتقد فيه أنه بالنسبة إلى ذلك الشخص لكونه محلا لظهور عين هذا الخبر كذب لأن مدلوله العدم لا الوجود فالصدق أمر وجودي والكذب أمر عدمي وصورة الصدق في الكذب إن المخبر الكاذب ما أخبر إلا بأمر وجودي صحيح العين في تخيله إذ لو لم يتخيله لحصول المعنى عنده لما صح أن يخبر عنه بما أخبر فهو صادق في خبره ذلك والمؤمن به صديق ثم أخبر الحق عن ذلك الخبر أنه بالنسبة إلى الحس كذب وما تعرض إلى الخيال كما لم يتعرض المخبر في خبره ذلك إلى الحس وإنما السامع ليس له في أول سماعه الأخبار إلا أول مرتبة وهي الحس ثم بعد ذلك يرتقي في درجات القوي فاعتقد بعد هذا بأخبار الحق عنه أن ذلك كذب في الحس إنه كذب في الحس أي ليس في الحس منه صورة من حيث الحكم الظاهر فهو صديق للخبر الحق فما للوجود كذب ولا في العدم صدق فإن الصدق أصله الصادق وهو الوجود المحض الذي لا نسبة للعدم إليه والكذب هو العدم المحض الذي لا نسبة للوجود إليه وأما الكذب النسبي بالنظر إلى الخيال يكون صدقا وبالنظر إلى الظاهر على شرط مخصوص يكون كذبا فالصديق يتعلق به من حيث نسبته إلى ما هو موجود به والعامة تتعلق به من حيث أنه لا وجود له في المرتبة التي يطلبها فيه من يكذبه فاعلم ذلك فإن شئت قلت بعد هذا إن للصديقية أجزاء منحصرة وإن شئت قلت لا تدخل تحت الحصر أجزاؤها وإن أردت بأجزاء الصديقية الصفة التي بها تحصل الصديقية للصديق فهذا سؤال آخر يمكن أن يسأل عنه فالجواب عن مثل هذا الوجه أن من أجزائها سلامة العقل والفكر الصحيح والخيال الصحيح والايمان بصدق المخبر وإن أحاله العقل الذي ليس بسليم عند أهل هذه الصفة والقول باستحالات الإمكان في الأعيان الممكنات بالنظر إلى ما تقتضيه ذات الواجب الوجود لذاته أو إلى سبق العلم منه عند من يقول بذلك فإذا كان بهذه المثابة حصلت له الصديقية ويكون هذا المجموع أجزاءها لأنها ليست بزائدة على عين المجموع وهذا هو النور الأخضر (السؤال الخامس والثمانون) ما الصديقية الجواب نور أخضر بين نورين يحصل بذلك النور شهود عين ما جاء به المخبر من خلف حجاب الغيب بنور الكرم وذلك أن اسم الله المؤمن الذي تسمى الله لنا به في كتابه من حيث هو
(٩١)