المشاهدة وأما خطؤه فقوله ارتفع الحجاب ولم يقيد وإنما يقال ارتفع حجاب بشريته ولا شك أن خلف حجاب بشريته حجبا أخر فقد يرتفع حجاب البشرية ويقع الكلام من الله لهذا العبد خلف حجاب آخر أعلاها من الحجب وأقربها إلى الله وأبعدها من المخلوق المظاهر الإلهية التي يقع فيها التجلي إذا كانت محدودة معتادة المشاهدة كظهور الملك في صورة رجل فيكلمه على الاعتدال للعادة والحد وقد تجلى له وقد سد الأفق فغشي عليه لعدم المعتاد وإن وجد الحد فكيف بمن لم ير حدا ولا اعتاد فقد تكون المظاهر غير محدودة ولا معتادة وقد تكون محدودة لا معتادة وقد تكون محدودة معتادة وتختلف أحوال المشاهدين في كل حضرة منها فمن عدل عن حضرة المكالمة فقد لحق بأهل الخسران وإن سعد ولكن بعد شقاء عظيم وإن من الناس من أصحاب الدعاوي في هذه الطريقة الذين قال الله فيهم وقد خاب من دساها حين أفلح من زكاها فيزعمون أنهم يكلمون الله في خلقه ويسمعون منه في خلقه وهو في نفسه مع نفسه ما عنده خبر من ربه لأنه لا يعرفه ولا يعرف كيف يسمع منه ولا ما يسمع منه فأصحاب الدعاوي في هذه الطريقة كالمنافقين في المسلمين فإنهم شاركوهم في الصورة الظاهرة وبانوا بالبواطن فهم معهم لا معه فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله وهو والله من عنده ولكن من غير الوجه الذي يزعمون ولهذا شقوا بما قالوه وإن كانوا لا يعتقدونه وسعد الآخر بقوله إنه من عند الله واعتقاده ذلك على غير الوجه الذي يعطي الشقاء فالقول واحد والحكم مختلف فسبحان من أخفى علمه عن قوم وأطلع عليه آخرين لا إله إلا هو العزيز الحكيم ولا يكون الأمر إلا هكذا فإنه هكذا وقع ولا يقع إلا ما علم أنه يقع كذا فإنه في نفس الأمر كذا لا يجوز خلافه وهنا عقدة لا يحلها إلا الكشف الاختصاصي لا تحلها العبارة وإذا فهمت هذا فاعلم أنه من آخر فصول هذا المنزل التعاون على البر والتقوى فإنه يكون عنه علم شريف يتعلق بمعرفة الأسباب الموضوعة في العالم وإن رفعها عينا لا يصح إذا كان السبب علة فإن لم يكن علة فقد يصح رفع عينه مع بقاء لازمه لكن لا من حيث هو لازم له بل من حيث عين اللازم فهو لما هو لازم له على الطريقة المختصة لا يرتفع وهو من حيث عينه وإن كان لازما لغيره فيكون أثره لعينه فيوجد حكمه لعينه ففي الأسباب التي ترفع ويوجد اللازم يفعل لعينه كالغذاء المعتاد على الطريقة المختصة به يلازمه الشبع بالأكل منه وقد يكون الشبع من غير غذاء ولا أكل ومثل السبب العلي وجود اتصاف الذات بكونها شابعة لوجود الشبع فلو رفعت الشبع ارتفع كونه شابعا فمن الأسباب ما يصح رفعها وما لا يصح وتقرير الكل في مكانه وعلى حده على ما قرره واضعه هو الأولى بالأكابر وينفصلون عن العامة بالاعتماد فلا اعتماد للأكابر في شئ من الأشياء إذا وصفوا بالاعتماد إلا على الله فمن منع وجود الأسباب فقد منع ما قرر الحق وجوده فيلحق به الذم عند الطائفة العالية وهو نقص في المقام كمال في الحال محمود في السلوك مذموم في الغاية والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والسبعون ومائتان في معرفة منزل الألفة وأسراره من المقام الموسوي والمحمدي) منزل الألفة لا يدخله * غير موجود على صورته فتراه عند ما تبصره * نازلا فيه على سورته حاكما فيه بما يعلمه * جاريا فيه على سيرته فاصطفاه الحق مرآة له * فلهذا زاد في سورته فنهاه الله أعلاما له * أن ذاك النهي من غيرته عند ما حجر ما كان له * مطلقا نزه عن حيرته أكل المنهي عنه فبدت * رتبة الأكل في عورته فدري حين رآها أنها * زلة جاءته من جيرته لا يتألف اثنان إلا لمناسبة بينهما فمنزل الألفة هي النسبة الجامعة بين الحق والخلق وهي الصورة التي خلق عليها الإنسان ولذلك لم يدع أحد من خلق الله الألوهية إلا الإنسان ومن سواه ادعيت فيه وما ادعاها قال فرعون أنا ربكم الأعلى
(٦٠٢)