لها الكثرة من المؤثر فيه لا من اسم الفاعل الذي هو المؤثر فتكون الآثار تكثر النسب إلى العين الواحدة فذلك الفصل في الآثار لا في الأسماء ولا في المسمى ولا في المؤثر فيه فهذا تحقيق الفصل في المعرفة عند العارفين والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب الثاني ومائتان في حال الأدب) أدب الشريعة أن تقوم برسمها * فتكون مكتوبا من الأدباء فإذا فنيت من القيام وأنت في * جهد فأنت به من الخدماء وإذا دفعت لكل طالب حقه * ما يستحق لحقت بالأمناء وأتيت بالشرع المطهر حكمه * وبذاك قالوا جملة القدماء اعلم أن الأدب على أقسام أما أدب الشريعة فهو أن لا يتعدى بالحكم موضعه في جوهر كان أو في عرض أو في زمان أو في مكان أو في وضع أو في إضافة أو في حال أو في مقدار أو في مؤثر أو في مؤثر فيه وانحصرت أقسام محل ظهور أدب الشريعة فأما أدبها في الذوات القائمة بأنفسها فبحسب ما هي عليه من معدن ونبات وحيوان وإنسان وعروض وما يقبل التغيير منه وما لا يقبل التغيير وما يقبل الفساد وما لا يقبل الفساد فيعلم حكم الشرع في ذلك كله فيجريه فيه بحسبه وأما آدابها في الأعراض فهو ما يتعلق بأفعال المكلفين من وجوب وحظر وندب وكراهة وإباحة وأما الآداب الزمانية فما يتعلق بأوقات العبادات المرتبطة بالأوقات فكل وقت له حكم في المكلف ومنه ما يضيق وقته ومنه ما يتسع وأما الآداب المكانية كمواضع العبادات مثل بيوت الله الذي أذن الله فيها أن ترفع ويذكر فيها اسمه وأما الآداب الوضعية فهي أن لا يسمى الشئ بغير اسمه ليتغير عليه حكم الشرع بتغير الاسم فيحلل ما كان محرما أو يحرم ما كان محللا كما قال عليه السلام سيأتي على الناس زمان يظهر فيه أقوام يسمون الخمر بغير اسمها وذلك ليستحلوها بالاسم كما سئل مالك عن خنزير البحر فقال هو حرام فقيل له إنه من جملة سمك البحر فقال أنتم سميتموه خنزيرا فانسحب عليه لأجل الاسم حكم التحريم كما سموا الخمر نبيذا أو ربا أو تزيزا فاستحلوها بالاسم وأما أدب الإضافة فمثل قول خضر فأردت أن أعيبها وقوله فأردنا أن يبدلهما للاشتراك بين ما يحمد ويذم وقوله فأراد ربك لتخليص المحمدة فيه فيكتسب الشئ الواحد بالنسبة ذما وبالإضافة إلى جهة أخرى حمدا وهو عينه وتغير الحكم بالنسبة وأما آداب الأحوال كحال السفر في الطاعة وحاله في المعصية فيختلف الحكم بالحال وحال السفر أيضا من حال الإقامة في صوم رمضان وفطره والمسح على الخفين في التوقيت وعدم التوقيت وأما الآداب في الأعداد فهو ما يتعلق بعدد أفعال الطهارة ومقاديرها والزكاة وعدد الصلوات وما لا يزاد فيه ولا ينقص بحسب حكم الشرع في ذلك وكذلك توقيت ما يغتسل به ويتوضأ به كالمد والصاع هذا أدبه في العدد وأما الأدب في المؤثر كحكمه في القاتل والغاصب وكل ما أضيف إليه فعل ما من الأفعال وأما أدبه في المؤثر فيه كالمقتول قود أهل بصفة ما قتل به أو بأمر آخر وكالمغصوب إذا وجد بغير يد الذي باشر الغصب هذا قسم أدب الشريعة وأما قسم أدب الخدمة فأما أن يكون أعلى إلى أدنى أو من أدنى إلى أعلى فأما خدمة الأعلى إلى من هو دونه فالقيام بمصالحه ومراعاتها والتنبيه في ذلك على ما وقعت فيه الغفلة والتعريف بما جهل منها وتعيينه أوقاتها وأمكنتها وحالاتها وإيضاح مبهماتها والإفصاح عن مشكلاتها بإقامة أعلامها كالأستاذ مع التلميذ والعالم مع الجاهل والسلطان مع الرعية وأما خدمة الأدون من هو أعلى منه فبامتثال أوامره ونواهيه والوقوف عند مراسمه وحدوده والمبادرة إلى محابه والمسارعة إلى مراضيه ومراقبة إشاراته وموافقة أغراضه هذا قسم أدب الخدمة وأما قسم أدب الحق فهو إعطاؤه ما يستحقه مما ينبغي له وإعطاؤه ما يستحقه مني كما أنه أعطاني خلقي حين أعطى كل شئ خلقه فإذا أعطيته ما يستحقه بما هو هو وأعطيته ما يستحقه منك بما أنت له فقد
(٤٨١)