في علم التوحيد إلا عند من يقول بالمناسبة ولا عند من يقول بنفي المناسبة لأن التوحيد ليس بأمر وجودي وإنما هو نسبة والنسب لا تدرك كشفا وإنما تعلم من طريق الدليل فإن الكشف رؤية ولا تتعلق الرؤية من المرئي إلا بكيفيات يكون المرئي عليها وهل في ذلك الجناب الإلهي كيفية أم لا فالدليل ينفي الكيفية فإن كان يريد أنه لا كيفية له في ذاته فلا يكشف وإن كان يريد أنه لا تعقل كيفيته فيمكن أن يكشف من حيث ما له كيفية لا تعقل لكن يحصل العلم بها عند الكشف فإن كل كيفية حصلها العقل من نظره في الأشياء فإنها تستحيل عليه عنده مع ثبوت الايمان بأسمائها لا بمعقوليتها من نزول واستواء ومعية وتقليب وتردد وضحك وتعجب ورضي وغضب فإن جسد الله هذه المعاني في حضرة التمثيل كالعلم في صورة اللبن فذلك له وحينئذ تنال كشفا وإلا فلا تنال أبدا ولا يعلم من أين أخذتها النبوة هل تلقتها خبرا أو كشفا فإن كان خبرا فقد وقع التساوي وإن كان عن كشف فهو بحسب ما ذكرناه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثالث والسبعون ومائة في معرفة مقام الشرك وهو التثنية) الشرك في الأسماء لا يجهل * عليه أهل الكشف قد عولوا قالوا وما الرحمن قلنا لهم * هو الإله الحكم الأول لا فرق بين الله في كونه * دل على الذات وما يسأل به من الأسماء في كل ما * يلفظه اللافظ أو يعقل والشرك محمود على بابه * عند الذي يعلم أو يجهل هو الوجود المحض لا يمتري * فيه إمام حكمه فيصل وإنما المذموم منه الذي * أثبته في عقده المبطل قال الله تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فاعلم إن الله تعالى من حيث ذاته فهو الواحد الأحد وقال ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها فإذا دعوته عرفت من يجيبك وما يجيبك هل يجيبك من حيث ذاته أو من حيث نسبة يطلبها ذلك الاسم ما هي عين الذات ولا يجيبك تعالى مع ارتفاع وجود تلك النسبة فإذا عرفت هذا عرفت أمورا كثيرة في عين واحدة لا تعقل الذات عند الدعاء بهذه الأسماء دون هذه النسب ولا تعقل النسب دون هذه الذات فإذا قلت يا عليم علمت إن معقوله خلاف معقول يا قدير وكذلك يا مريد ويا سميع ويا بصير ويا شكور ويا حي ويا قيوم ويا غني إلى ما شئت من الأسماء الحسنى فهذه النسب وإن كثرت فالمسمى واحد والمنسوب إليه هذه النسب واحد فإذا لا تعقل الكثرة في هذا الواحد إلا هكذا فكل اسم قد شارك الاسم الآخر وغيره من الأسماء الإلهية في دلالته على الذات مع معقولية حقيقة كل اسم إنها مغايرة لمعقولية غيره من الأسماء وتميز كل واحد منها عن صاحبه واشتراكهم في ذات المسمى وليست هذه الأسماء لغير من تسمى بها فالأسماء الإلهية مترادفة من وجه متباينة من وجه مشتبهة من وجه فالمترادفة كالعالم والعلام والعليم وكالعظيم والجبار والكبير والمشتبهة كالعليم والخبير والمحصي والمتباينة كالقدير والحي والسميع والمريد والشكور وأما الضرب الآخر من الشركة في إيجاد العالم فهو باستعداد الممكن لقبول تأثير القدرة فيه إذ المحال لا يقبل ذلك فما استقلت القدرة بالإيجاد دون استعداد الممكن ولا استقل استعداد الممكن دون القدرة الإلهية بالإيجاد وهذا سار في كل ممكن ثم اشتراك آخر خصوص في بعض الممكنات وهو إذا أراد إيجاد العرض فلا بد من الاقتدار الإلهي والإرادة الإلهية لتخصيص ذلك العرض المعين ولا بد من العلم به حتى يقصده بالتخصيص ولا بد من استعداد ذلك المراد لقبول الإيجاد ولا بد من وجود المحل لصحة إيجاد ذلك العرض إذ كان من حقيقته أنه لا يقوم بنفسه فلا بد له من محل يقوم به ولا بد لذلك المحل أن يكون على استعداد يقبل وجود ذلك العرض فيه وهذا كله ضرب من الشركة في الفعل فهذا معنى الشركة والكثرة المطلوبة في الإلهيات في هذا الباب ولا يحتمل هذا الباب أكثر مما أومأنا إليه من هذه الأصول وتلخيص هذا الباب إن كل أمر يطلب القسمة فلا يصح
(٢٩٢)