كان ذلك المراد محبوبا أو غير محبوب والشهوة لا تتعلق إلا بما للنفس في نيله لذة خاصة ومحل الشهوة النفس الحيوانية ومحل الإرادة النفس الناطقة والشهوة تتقدم اللذة بالمشتهى في الوجود ولها لذة متخيلة تتعلق بتصور وجود المشتهي فتلك اللذة مقارنة لها في الوجود فتوجد في النفس قبل حصول المشتهي واللذة مقارنة لوجود حصول المشتهي في ملك المشتهي فتزول شهوة التحصيل وتبقي اللذة فليس عين الشهوة عين اللذة لفنائه بحصول المشتهي وبقاء اللذة غير إن الطبع يحدث له أو يظهر له عن كمون غيب إلهي شهوة أخرى تتعلق ببقاء المشتهي دائما لا تنقطع فهذه شهوة لا لذة لها فإن البقاء دائما غير حاصل مطلقا فلا يتناهى الأمر ولا يوجد البقاء فإن جدد البقاء بزمان مخصوص ومقدار معين فذلك البقاء المشتهي يكون للشهوة لذة بحصوله موجودا فاللذة مقارنة لحصول المشتهي خاصة لا تتأخر عنه ولا تتقدمه بوجود عين ووجود خيال وأما شهوة الدنيا فلا تقع لها لذة إلا بالمحسوس الكائن وشهوة الجنة يقع لها اللذة بالمحسوس وبالمعقول على صورة ما يقع بالمحسوس من وجود الأثر البرزخي عند نيل المشتهي المعقول سواء ولا أعني بالجنة أن هذه الشهوة التي هذا حكمها لا توجد إلا في الجنة المعلومة في العموم إنما أعني حيث وجد هذا الحكم لهذه الشهوة الذي ذكرناه فهو شهوة الجنة سواء وجد في الدنيا أو وجد في الجنة وإنما أضفناها إلى الجنة لأنها تكون فيها لكل أحد من أهل الجنة وفي الدنيا لا تقع إلا لآحاد من العارفين والشهوة لها نسبة واحدة إلى عالم الملك ونسبتان إلى عالم الملكوت ولها مقامات وأسرار وهي الدرجات بقدر ما لحروف اسم الشهوة من العدد بالجمل الكبير بالتعريف وهو الشهوة وبالتنكير وهو شهوة وبالاتصال بكلام فتعود هاء السكت تاء فلها عدد التاء وعدد الهاء في حال التنكير والتعريف فأجمع الأعداد بعضها إلى بعض فما اجتمع لك من ذلك فهو قدر درجات ما يناله صاحب ذلك المقام ولا يعتبر فيه إلا اللفظ العربي القرشي فإنه لغة أهل الجنة سواء كان أصلا وهو البناء أو فرعا وهو الإعراب وغير العربي والمعرب لا يلتفت إليه وكذلك تعمل في كل اسم مقام وهو قولهم لكل إنسان من اسمه نصيب ومعناه لكل موجود من اسمه نصيب ولهذا جاءت أسماء النعوت فلا تطلب إلا أصحابها وهي زور على من تطلق عليه وليست له وهذا من أصعب المسائل فإن الاسم إطلاق إلهي فلا بد من نصيب منه لذلك المسمى غير أنه يخفى في حال مسمى ما ويظهر في آخر ومدرك ذلك عزيز وعلى هذا الحد الإرادة فالمريد إلهي رباني رحماني والمشتهي رباني رحماني خاصة والمسلم المؤمن المحسن هو المريد وصاحب الشهوة مسلم نصف مؤمن نصف محسن لأنه مع الإحسان المقيد بالتشبيه (الباب العاشر ومائة في مقام الخشوع) لا يكون الخشوع إلا إذا ما * يبصر القلب من تدلى إليه وتجلى له بصورة مثل * غير هذا فلا يكون لديه فإن اعتز في مقام التجلي * فله الحكم لا يكون عليه الخشوع مقام الذلة والصغار وهو من صفات المخلوقين ليس له في الألوهية مدخل وهو نعت محمود في الدنيا على قوم محمودين وهو نعت محمود في الآخرة في قوم مذمومين شرعا بلسان حق وهو حال ينتقل من المؤمنين في الآخرة إلى أهل العزة المتكبرين الجبارين الذين يريدون علوا في الأرض من المفسدين في الأرض فالمؤمنون في صلاتهم خاشعون وهم الخاشعون من الرجال والخاشعات من النساء الذين أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ونعت أصحابه في الآخرة فقال خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلي نارا حامية تسقى من عين آنية ليس لهم طعام إلا من ضريع ولا يكون الخشوع حيث كان إلا عن تجل إلهي على القلوب في المؤمن عن تعظيم وإجلال وفي الكافر عن قهر وخوف وبطش قال ع حين سئل عن كسوف الشمس إن الله إذا تجلى لشئ خشع له خرجه البزار وإذا وقع التجلي حصل الخشوع وأورث التجلي العلم والعلم يورث الخشية إنما يخشى الله من عباده العلماء والخشية تعطي الخشوع والخشوع يعطي التصدع وهو انفعال الطبع للخشوع والتصدع تقصف وتكسر في الأعضاء والغطيط الذي يسمع فيها كل ذلك من أثر الطبع القابل لأثر الوارد في التجلي الإلهي وهو الذي
(١٩٣)