للشئ إنما تكون لتألفها به ونظرها إليه من اسمه الحي الذي ليس عن تأليف ويحصل أيضا علم الخلق التام في قوله مخلقة ولا يحصل له في هذا المنزل علم غير المخلقة وإنما يحصل ذلك لمن حصل من منزل آخر وفي هذا المنزل يعلم من هؤلاء الأنبياء العلم التصوري وهو العلم بالمفردات التي لم تتركب ومن هذا المنزل تلبس المعاني الصور فيصور المسائل العالم في نفسه ثم يبرزها إلى المتعلمين في أحسن صورة وهي المخلقة فإن أخطأ فمن غير هذا المنزل ومن هذا المنزل يعلم سبب العشق الحاصل في العاشق ما هو وما الرابطة بين العاشق والمعشوق حتى التف به على الاختصاص دون غيره ولما ذا يراه في عينه أجمل ممن هو أجمل منه في علمه ولما ذا يكون تحت سلطان المعشوق وإن كان عبده ولما ذا ينتقل الحكم على السيد للعبد إذا كان معشوقا له فيكون تحت أمره ونهيه لا يقدر في نفسه أن يتصور مخالفته فيما يأمره به عبده وكيف انتقلت السيادة إليه وانتقلت العبودية إلى الآخر السيد ظاهرة الحكم بالتصرف فيه ولما ذا يتخيل أنه يراه أعظم عنده من نفسه وأن سعادته في عبوديته وذلته بين يديه مع أنه يحب الرياسة بالطبع ولما ذا أثر في طبعه وتتبين له قوة الأرواح على الطبع وأن العشق روحاني فرده إلى ما تقتضيه حقيقة الروح فإن الروح لا رياسة عنده في نفسه ولا يقبل الوصف بها ويعلم هل ينقسم العشق إلى طبع وروح أو هو من خصائص الروح أو هو من خصائص الطبع لوجوده من الحيوان والنبات ويعلم لما ذا كان العشق من الإنسان لجارية أو غلام بحيث أن يفنى فيه ويكون بهذه المثابة التي ذكرناها ولا يستفرغ هذا الاستفراغ في حب من ليس بإنسان من ذهب وفضة وعقار وعروض وغير ذلك وهو علم شريف ولماذا يستفرغ مثل هذا الاستفراغ في محبة الحق وحده دون ما ذكرناه ويعلم هل محبته للحق جزئية أم كلية ومعنى ذلك أنه هل أحبه بكله من حيث طبعه وروحه أو من حيث روحه فقط لأن الحب الطبيعي لا يليق أن يتعلق من المحب بذلك الجناب وهل لذلك الجناب مظهر يمكن أن يتعلق به الحب الطبيعي أم لا كل ذلك من خصائص علم هذا المنزل ومما يستفيد من علوم هذا المنزل علم الزمان ولما ذا يرجع هل لأمر وجودي أو لأمر عدمي وهل الليل والنهار زمان أو دليل على إن ثم زمانا وهل حدث الليل والنهار في زمان ومن هذا المنزل يعلم ترتيب الهياكل الموضوعة لاستنزال الأرواح وصورها وأشكالها وبنائها وما ينقش عليها وما ينفعل عنها وكم مدتها بعد معرفته هل لها مدة أم لا ويعلم علم الحروف والنجوم من حيث خصائصها وطبائعها وتأثيراتها التي فطرها الله عليها وفيمن تؤثر وبما ذا تحتجب عن تأثيرها وإذا قيدت بما ذا يطلق من قيدته عن تقييدها وإذا أطلق بما ذا يقيد من إطلاقه ويعلم من هذا المنزل ما أردناه بقولنا الحق ما بين مجهول ومعروف * فالناس ما بين متروك ومألوف والشأن ما بين وصاف وموصوف * فالحال ما بين مقبول ومصروف فهذا بعض ما يحويه هذا المنزل وهو كثير والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والسبعون ومائتان في معرفة منزل الاعتبار وأسراره من المقام المحمدي) تجليه في الأفعال ليس بممكن * لدينا وعند الغير ذلك جائز ويحتج في ذاك الجواز بفعله * وكيف يرى في الفعل والعبد عاجز فمن قائل الحق في الكون ظاهر * ومن قائل الحق في المنع ناجز وتحقيق هذا الأمر عجز وحيرة * ولا ينجلي إلا لمن هو فائز اعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر والتجلي في المظاهر وهو التجلي في صور المعتقدات كائن بلا خلاف والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف وهما تجلى الاعتبارات لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم أي يعلم أن وراء هذه الصور أمر إلا يصح أن يشهد ولا إن يعلم وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا وأما التجلي في الأفعال أعني نسبة ظهور الكائنات والمظاهر عن الذات التي تتكون عنها الكائنات وتظهر عنها المظاهر وهو قوله تعالى ما أشهدتهم خلق السماوات و الأرض فالحق سبحانه قرر في اعتقادات قوم وقوع ذلك وقرر في اعتقادات قوم منع وقوع ذلك وهو سبحانه
(٦٠٦)