والفائدة في الصورة كالرسالة في الرسول فوارد بعلم ووارد بعمل ووارد جامع لهما ووارد بحال ووارد بعلم وحال ووارد بعمل وحال ووارد بعلم وعمل وحال وذلك كوارد الصحو والسكر وأمثاله وهو أقوى الواردات وإذا كان الوارد غير محدث فهو المعبر عنه بارتفاع الوسائط بين الله وبين عبده فهو تجل من الوجه الخاص الذي لكل مخلوق فما ينقال ما يعطيه ولا ما يحصل له فيه وقليل من أهل الله من يكون له ذلك وليس في الواردات مثله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والستون ومائتان في معرفة الشاهد) وهو بقاء صورة المشاهد في نفس المشاهد اسم فاعل فصورة المشهود في القلب هي عين الشاهد وبه يقع النعيم للمشاهد مشاهدة الحق من علمنا * تحصيل شاهدها في القلوب فيدركها بعيون الحجى * موفقة خلف ستر الغيوب ويطلعه بدر ثم علا * على شمسه في مهب الجنوب ولما كان الشاهد حصول صورة المشهود في النفس عند الشهود فيعطي خلاف ما تعطيه الرؤية فإن الرؤية لا يتقدمها علم بالمرئي والشهود يتقدمه علم بالمشهود وهو المسمى بالعقائد ولهذا يقع الإقرار والإنكار في الشهود ولا يكون في الرؤية إلا الإقرار ليس فيها إنكار وإنما سمي شاهدا لأنه يشهد له ما رآه بصحة ما اعتقده فكل مشاهدة رؤية وما كل رؤية مشاهدة ولكن لا يعلمون فما يرى الحق إلا الكمل من الرجال ويشهده كل أحد ولا يكون عن الرؤية شاهد وقال الله تعالى في إثبات الشاهد أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه وفي هذه الآية وجوه كلها مقصودة لله فيكون العبد على كشف من الله لما يريده به أو منه وذلك لا يكون له إلا بأخبار إلهي وإعلام بالشئ قبل وقوعه وهو قول الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله ثم إن ذلك الأمر لا يكون له عين إلا من اسم إلهي تكون له أثر ذلك الاسم فيقوم الاسم في قلب العبد ويحضر فيه فيشهده العبد ثم يرى ظهور ذلك الأثر ووجوده في نفسه أو في الآفاق الذي تقدم له به لإعلام الإلهي فيسمى ذلك الاسم شاهدا حيث شهده هذا العبد متعلق ذلك الأثر المعلوم عنده وهذا لا يكون إلا للكمل من الرجال فهم أصحاب شهود في كل أثر يشهدون لهم به بعد العلم به الإلهي على طريق الخبر وإنما قلنا في الوجوه إنها مقصودة لله فليس يتحكم على الله ولكنه أمر محقق عن الله وذلك أن الآية المتلفظ بها من كلام الله بأي وجه كان من قرآن أو كتاب منزل أو صحيفة أو خبر إلهي فهي آية على ما تحمله تلك اللفظة من جميع الوجوه أي علامة عليها مقصودة لمن أنزلها بتلك اللفظة الحاوية في ذلك اللسان على تلك الوجوه فإن منزلها عالم بتلك الوجوه كلها وعالم بأن عباده متفاوتون في النظر فيها وأنه ما كلفهم من خطأ به سوى ما فهموا عنه فيه فكل من فهم من الآية وجها فذلك الوجه هو مقصود بهذه الآية في حق هذا الواجد له وليس يوجد هذا في غير كلام الله وإن احتمله اللفظ فإنه قد لا يكون مقصودا للمتكلم به لعلمنا بقصور علمه عن الإحاطة بما في تلك اللفظة من الوجوه فإن كان من أهل الله الذين يقولون ما في الوجود متكلم إلا الله وهم أهل السماع المطلق منه فتكون تلك الوجوه كلها مقصودة لأن المتكلم الله والشخص المقول على لسانه تلك الكلمة مترجم كما قال على لسان عبده في الصلاة سمع الله لمن حمده فالمتكلم هنا هو الله والمترجم العبد ولهذا كان كل مفسر فسر القرآن ولم يخرج عما يحتمله اللفظ فهو مفسر ومن فسره برأيه فقد كفر كذا ورد في حديث الترمذي ولا يكون برأيه إلا حتى يكون ذلك الوجه لا يعلمه أهل ذلك اللسان في تلك اللفظة ولا اصطلحوا على وضعها بإزائه وهنا إشارة نبوية في قوله فقد كفر ولم يقل أخطأ فإن الكفر الستر ومن لا يرى متكلما إلا الله من أهل الله وقد جعل هذا التفسير لهذه الآية مضافا إلى رأيه فقد ستر الله عن بعض عباده في هذا الوجه مع كونه حقا لإضافته إلى رأى المفسر لأن أهل اللسان ما اصطلحوا على وضع ذلك اللفظ بإزاء ذلك الوجه ولا استعاروه له لا بد من هذا الشرط والمتكلم الله به وبالوجه والإصابة حق إذا أضيفت إلى الحق فلذلك قال عليه السلام فقد كفر ولم يقل أخطأ ولله أن يستر ما شاء وإضافة الخطاء إليه محال فإنه لا يقبله لإحاطة علمه بكل معلوم ويكفي هذا القدر في معرفة الشاهد عند القوم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
(٥٦٧)