فصاحب هذا القول لا حظ له في الرجولة وكذلك قول الآخر أغار على ذلك الجمال الأنزه عن نظر مثلي يا ليت شعري وأي نظر لك وأين الموجود الذي له نظر من ذاته وهل ينظره إلا هو يا أيها المشرك أما تستحيي أن تقول مثل هذا القول فحال الغيرة من الحق أن تكون حقا وتقوم فيها بنسبتها إلى الحق فتنظر ما الغيرة منه فتكون على ذلك ومع هذا على كل وجه فإنه يطلب ثبوت الغير والتفرقة بين الأشياء والتميز فتحفظ في ذلك من إثبات وجود عين زائدة أو من نفي عيون كثيرة في غير وجود عيني فأثبت الكثرة في الثبوت وأنفها من الوجود وأثبت الوحدة في الوجود وأنفها من الثبوت فاعلم ذلك (الباب الرابع عشر ومائتين في حال الحرية) إذا كان حال الفتى عينه * فذلك حر وإن لم يكن وإن كان ما لم يكن لم يكن * بأكوانه كائن يستكن فحرية العبد معلولة * ولا رق إلا لمن قال كن فيا أيها الحر لا تفتقر * فجنبك من فقره قد وهن ولا بد منه فما ذا ترى * ولا بد منك فقد آن إن أضم غناه إلى فقرنا * وذلك عندي من أقوى الجنن اعلم أن الحرية عند الطائفة الاسترقاق بالكلية من جميع الوجوه فتكون حرا عن كل ما سوى الله وهي عندنا إزالة صفة العبد بصفة الحق وذلك إذا كان الحق سمعه وبصره وجميع قواه وما هو عبد إلا بهذه الصفات التي أذهبها الحق، بوجوده مع ثبوت عين هذا الشخص والحق لا يكون مملوكا فكان هذا المحل حرا إذ لا معنى له من عينه ما لم يكن موصوفا بهذه الصفات وهي الحق عينها لا صفات الحق عينها فثبت عين الشخص بوجود الضمير في قوله كنت سمعه فهذه الهاء عينه والصفة عين الحق لا عينه فثبتت الحرية لهذا الشخص فهو محل لأحكام هذه الصفات التي هي عين الحق لا غيره كما يليق بجلاله فنعته سبحانه بنفسه لا بصفته فهذا الشخص من حيث عينه هو ومن حيث صفته لا هو فوصفك معدوم وعينك ظاهر * وأنت له آل كما هو آخر وأنت له ملك ولست بعبده * فما أنت مزجور ولما أنت هو زاجر وعلى الحقيقة لا يقال في الحق إنه حر لكن يقال إنه ليس بعبد إذ كان لا يعرف إلا بالنعت السلبي لا بالنعت الثبوتي النفسي لكن للمظاهر حكم فيه من حيث ما هو ظاهر فيها فينسب إليه جميع ما ينسب إلى المظهر من نعوت نقص عرفي ونعوت كمال وتمام وليس إلا الحق لا غيره * فعينه الظاهر نعت العبيد ولا تقل بأنه عينهم * بل قل كما قلته لا تزيد وألسنة الشرائع الإلهية بهذا نطقت حقيقة لا مجازا والأدلة العقلية النظرية تنفي مثل هذا عن الجناب الإلهي وإذا وردت به الشرائع فإن فحول علمائهم يتأولون مثل هذا العدم الكشف إذ لم يكن الحق بصرهم تقلدوا الفكر على قصوره * وما استضاءوا ساعة بنوره فسبحان من أخفى عن العين ذاته * وأظهرها في خلقه بصفاتهم فلا حر ولا عبد * فأين العهد والوعد * فلله وجود الأمد * من قبل ومن بعد واعلم أن الحر من ملك الأمور بأزمتها ولم تملكه وصرفها ولم تصرفه وهذا غير موجود في الجنابين فإن الله يقول ادعوني أستجب لكم وطلب منا الإجابة لما دعانا فحصل التصريف من جانب الحق ومن جانب العبد فلو لا دعاء العبد وسؤاله ما كان الحق مجيبا والإجابة نعته فقد ظهر من العبد صورة تصرف في الحق وقد ظهر من الحق تصرف في العبد لا صورة تصرف فهذا القدر بين الحق والعبد ولا يكون حرا مطلق الحرية من هذا نعته ففي الحقيقة ليس للحرية وجود عين فإن الإضافات تمنع من ذلك لكن حقيقة الحرية في غنى الذات عن العالمين مع ظهور العالم عنه لذاته لا لأمر آخر فهو غني عن العالمين فهو حر والعالم مفتقر إليه فالعالم عبيد فلا حرية لهم أبدا فإذا طلبتهم الألوهة بما كلفتهم به من الأحكام التي
(٥٠٢)