فهم مخبرون بالحال أنهم المصطفون الأخيار لا بالقصد ثم قد يقع منهم بعد ثبوت الرسالة قول خارج عن مقتضى الدلالة ولا يكون منهم إلا عن أمر إلهي يؤذن ذلك القول بمرتبة القائل عند الله مثل قوله صلى الله عليه وسلم أنا سيد الناس يوم القيامة فلما كان في قوة هذا اللفظ إظهار الخصوصية عند الله ومن هو مشغول بالله ما عنده فراع لمثل هذا ومن شغل أهل الله بالله امتثال أمر الله فأخبر عليه السلام حين عم فقال ولا فخر أي ما قصدت الفخر أي هكذا أمرت أن أعرفكم فإن العارف كيف يفتخر والمعرفة تمنعه ومشاهدة الحق تشغله ولا يظهر مثل هذا ممن ليس بمأمور به إلا عن رعونة نفس أو فناء لغلبة حال يستغفر الله من ذلك إذا فارقه ذلك الحال الذي أفناه وقد يظهر مثل هذا من صاحب الغيرة خاصة وهو مذهب شيخنا أبي مدين وقد ظهر منه مثل ذلك من باب الغيرة فلا يدل على إظهار الخصوصية وذلك بأن يرى الإنسان دعوة الرسل ترد ويتوقف في تصديقها ولا سيما عند من ينفي النبوة التي نثبتها فيقوم هذا العبد مقام وجود الرسول فيدعي ما يدعيه الرسول من إقامة الدلالة على صدق الرسول في رسالته نيابة عنه فيأتي بالأمر المعجز على طريق التحدي للرسول لا لنفسه فيظهر منه ذلك وهذا لا يدل على مقام الخصوصية عند الله فهو خارج عن عين التحكم وليس بخارج من حيث ما هو تحكيم لكنه خارج من حيث ما هو تحكيم خاص وقد يكون عين التحكيم في رجل يكون له مقام الإدلال مع الحق ويكون عنده تعريف إلهي بمقامه المعلوم كالملائكة في قوله تعالى عنهم وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون فأثنوا على أنفسهم بعد معرفتهم وتعريفهم بمقامهم فلا ينقصهم هذا الثناء ولا يحط مرتبتهم وإذا لم يؤثر عين التحكيم في المقام فلا بأس به وتركه أعلى لأنه على كل حال فراع وما وقع مثل هذا من جبريل إلا لكونه معلما رسول الله صلوات الله عليهما والمعلم ينبه التلميذ بمرتبته لتعلو همته ليلحق بمعلمه ومنهم من يبلغ في التحكيم أن يقسم على الله في أمر فيبر الحق قسمه ومع هذا يستغفر الله فلو لا إن فيه رائحة ما استغفر والحكايات في التحكيم عن الصالحين كثيرة ولا سيما ما يحكى عن عبد القادر الجيلي رحمه الله كان ببغداد أدركناه بالسن وكالذي سجد وحلف أن لا يرفع رأسه من سجدته حتى ينزل الغيث فأبر الله قسمه وكالذي وقف على رأس بئر وقد عطش ولم يكن له حبل ولا ركوة فقال لئن لم تسقني لأغضبن ففاض الماء على فم البئر فسئل على من تغضب فقال على نفسي فامنعها الماء وأما عين التحكيم عندنا فأمر هين في شهود المعرفة فإن التحكيم للظاهر في المظهر فما تحكم إلا من له التحكم فمهما ظهر الظاهر به دل على إن استعداد المظهر أعطى هذا فيفرق بينه وبين ما يعطيه مظهر آخر من عدم التحكيم وهذه طريقة انفردنا بإظهارها في الوجود لأنها تقرب على أهل الله مأخذ الأمور ولا تستعظم شيئا مما ظهر فإنه ما ظهر إلا ممن له الأمر من قبل ومن بعد والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس والعشرون ومائتان في معرفة الزوائد) اعلم أن الزوائد في اصطلاح الصوفية من أهل الله تعالى زيادات الايمان بالغيب واليقين إذا ما أنزلت بالنور سورة * يزيد المؤمنون بها سرورا فعلم الغيب أنفس كل علم * وكان العلم أجمعه حضورا وإدراك الغيوب بلا دليل * سوى الرحمن لا يعطي ثبورا وما للغيب عند الحق عين * ولو جلى لك الاسم الخبيرا لقد حجب العباد وكل عقل * بحتى نعلم الجلد الصبورا قال الله تعالى وإذا أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم فلا بد من الزوائد في الفريقين وهي الشؤون التي الحق عليها وفيها في كل يوم أي في كل نفس الذي هو أصغر الأيام غير إن الزوائد التي اصطلح عليها أهل الله هي ما تعطي من ذلك سعادة خاصة وعلما بغيب يزيده يقينا مثل قوله رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي يقول بلي آمنت ولكن وجوه الأحياء كثيرة متنوعة كما كان وجود الخلق فمن الخلق من أوجدته عن كن
(٥٢٠)