أكمل المظاهر واختلف العلماء هل يصح أن يكون منه في الوجود شخصان فصاعدا أو لا يكون إلا شخص واحد فإن كان شخص واحد فمن هو ذلك الشخص ومن أي قسم هو من أقسام الموجودات هل من البشر أو من الجن أو من الملائكة وإنما سماه رداء لأنه مشتق من الردي المقصور وهو الهلاك لأنه مستهلك في الحق استهلاكا كليا بحيث أن لا يظهر له وجود عين مع ظهور الانفعالات الإلهية عنه فلا يجد في نفسه حقيقة ينسب بها شيئا من تلك الانفعالات إليه فيكون حقا كله وهو قوله صلى الله عليه وسلم واجعلني نورا أي يظهر في كل شئ ولا أظهر بشئ وقد يستهلك الحق فيه فلا ينسب بوجوده شئ إلى الحق وهو الوجه الذي اعتمد عليه من أثبت الحق المخلوق به كأبي الحكم بن برجان وسهل بن عبد الله التستري وغيرهما وإليه أشرنا بقولنا أنا الرداء أنا السر الذي ظهرت بي ظلمة الكون إذ صيرتها نورا فالمرتدي هو الهالك بهذا الرداء فانظر من هو المرتدي فاحكم عليه بأنه مستهلك فيه فتجد حقيقة ما ذكرناه فكل مرتد محجوب بردائه عن إدراك الأبصار قال تعالى لا تدركه الأبصار لأن الرداء يحجب الأبصار عنه ولا يحجبه عنها فهو يدركها ولا تدركه فالأبصار تدرك الرداء والرداء هو الذي استهلك المرتدي فيه بظهوره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (السؤال السابع ومائة) ما الكبر الجواب ما ظهر عن دعاوى الخلق في حضرة الربوبية من أنا على طبقات القائلين بها الكبر حال من أحوال القلوب من حيث ما هي عالمة بمن ينبغي أن ينسب إليه الكبرياء فإن الحق معلوم عند كل موجود ويتبع العلم الكبرياء فمن كان أعلم به كان كبرياء الحق في قلبه أعظم ممن ليس في قلبه ما يوجب ذلك فلو كان الكبرياء صفة للذات لكانت الذات مركبة وإن كان عين الذات وتجلى سبحانه وسلب العلم به في تجليه لم يجد المتجلي له أثر كبر عنده لهذا المتجلي لجهله به فإن رزقه العلم به تبعه الكبر والعلم مما يوصف به العالم لا المعلوم كذلك الكبر يوصف به من يوصف بالعلم بمن يكون الكبرياء من أثره في قلب هذا الشخص ولهذا قد ورد الكبرياء ردائي فهو حجاب بين العبد وبين الحق يحجب العبد أن يعرف كنه المرتدي به وهو نفسه فأحرى أن يعرف ربه ومع هذا فلا يضاف الكبر إلا لغير لابسه فإنه حالة عجيبة وكذلك العظمة فإن الحق ما هي صفته لا ذاتية ولا معنوية فإنه يستحيل على ذاته قيام صفات المعاني بها ويستحيل أن تكون صفة نفسية من أجل ما ورد من إنكار الخلق له في تجليه مع كونه هو هو وإذا بطل الوجهان فلم يبق إلا أن تكون صفة للمتجلي له وهو الكون أو حالة تعقل بين المتجلي والمتجلي له لا يتصف بها المتجلي له لأن العبودة تقابل الكبر وتضادها ومحال أن تقوم بنفسها بينهما فلم يبق إلا أن تكون من أوصاف العلم فتكون نسبة كبر وتعظيم وعزة تتصف بها نسبة علم بمعلوم محقق من حيث ما يؤدي إليه ذلك العلم من وجود هذه النسب ذوقا وشربا كما تقول في التشبيه وضرب المثل سواد مشرق وعلم حسن فوصف السواد بالإشراق والعلم بالحسن وهو وصف من لا قيام له بنفسه بما لا قيام له بنفسه فلذلك جعلنا الكبرياء والعظمة حالة تابعة للعلم بالمعظم والمكبر في نفس من عظمه وكبره (السؤال الثامن ومائة) ما تاج الملك الجواب تاج الملك علامة الملك وتتويح الكتاب السلطاني خط السلطان فيه والوجود كتاب مرقوم يشهده المقربون ويجهله من ليس بمقرب وتتويج هذا الكتاب إنما يكون بمن جمع الحقائق كلها وهي علامة موجدة فالإنسان الكامل الذي يدل بذاته من أول البديهة على ربه هو تاج الملك وليس إلا الإنسان الكامل وهو قوله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم على صورته وهو الأول والآخر والظاهر والباطن فلم يظهر الكمال الإلهي إلا في المركب فإنه يتضمن البسيط ولا يتضمن البسيط المركب فالإنسان الكامل هو الأول بالقصد والآخر بالفعل والظاهر بالحرف والباطن بالمعنى وهو الجامع بين الطبع والعقل ففيه أكثف تركيب وألطف تركيب من حيث طبعه وفيه التجرد عن المواد والقوي الحاكمة على الأجساد وليس ذلك لغيره من المخلوقات سواه ولهذا خص بعلم الأسماء كلها وبجوامع الكلم ولم يعلمنا الله أن أحدا سواه أعطاه هذا إلا الإنسان الكامل وليس فوق الإنسان
(١٠٤)