الممكن موجودا فلا يزال كل شئ لك كما لم يزل لم يتغير عليه نعت ولا تغير على الوجود نعت فالوجود وجود والعدم عدم والموصوف بأنه موجود موجود والموصوف بأنه معدوم معدوم هذا هو نفس أهل التحقيق من أهل الكشف والوجود ثم يندرج في هذه المسألة الوجه الذي له الأمام وهو الوجه المقيد بالنظر وبه تميز عن الخلف فإذا كان الشخص يرى من خلفه مثل ما يرى من أمامه كان وجها كله بلا قفا فلا يهلك من هذه صفته لأنه يرى من كل جهة فلا يهلك لأن العين تحفظه بنظرها فمن أي جهة جاءه من يريد إهلاكه لم يجد سبيلا إليه لكشفه إياه كما يتقي صاحب الوجه المقيد من يأتيه من إمامه انتهى الجزء السابع والثمانون (بسم الله الرحمن الرحيم) (السؤال الثامن والتسعون) كيف خص ذكر الوجه الجواب لأن السبحات له فهي مهلكة والمهلك لا يكون هالكا فاعلم أن الحقائق لا تتصف بالهلاك ووجه الشئ حقيقته وإنما يتصف بالهلاك الأمور العوارض للحقائق من نسبة بعضها إلى بعض فهي أعني الأمور العوارض حقيقتها أن تكون عوارض فلا يهلك وجهها عن كونها عوارض فاتصاف من عرضت له نسبة ما ثم بها زالت تلك النسبة بحصول نسبة أخرى فإزالة تلك النسبة العارضة تسمى هلاكا ويسمى ذلك المحل المنسوب إليه ذلك العارض بزواله هالكا وما ثم إلا حقائق فما ثم إلا وجوه غير هالكة وما ثم إلا نسب فما ثم إلا هالك فانظر كيف شئت وأنطق بحسب ما تنظر فلهذا خص الوجه لاستحالة اتصافه بالهلاك إذ كانت الحقيقة لا تهلك (السؤال التاسع والتسعون) ما مبتدأ الحمد الجواب مبتدأه الابتداء وهو المعنى القائم في نفس الحامد فلا بد أن يكون مقيدا من طريق المعنى أنه ابتداء حادث فلا بد له من سبب والسبب عين التقييد ومن طريق التلفظ بالحمد فمبتدأه الإطلاق ثم بعد ذلك إن شئت قيدته بصفة فعل إلهي وإن شئت نزهته في التقييد بصفة تنزيه وما ثم أكثر من هذا وإن أراد السائل بالحمد هنا العبد فإنه عين الثناء على الحق بوجود عينه فمبتدؤه الحق الذي أوجده لما أوجده وإن أراد بالحمد ومبتدئة إضافة المبدأ إلى الحمد أي بما يبتدئ الحمد فنقول بالوجود سواء اقترنت سعادة بذلك الموجود أو شقاوة وإن أراد بالحمد حمد الحمد فمبتدؤه الوهب والمنة وإن أراد بمبتدأ الحمد حمد الحق الحمد أو حمد الحق نفسه أو حمد الحق مخلوقاته فالثناء على الثناء بأنه ثناء ثناء عليه فمبتدؤه العلم بأنه ثناء وإن أراد به حمد الحق نفسه فمبتدؤه الهوية فهو غيب لا يظهر أبدا وإن أراد به حمد الحق خلقه فمبتدؤه إضافة الخلق إليه تعالى لا إلى غيره وإن أراد بالحمد الفاتحة التي هي السورة فمبتدؤها الباء إن نظرت الحق من حيث دلالة الخلق عليه فيكون بسم الله الرحمن الرحيم آية من سورة الفاتحة وإن كان ينظرها من حيث الحق مجردا عن تعلق العالم به للدلالة فمبتدؤها الألف من الحمد لله فلم تتصل بأمر ولا ينبغي لها أن تتصل ولم يتصل بها فإنها تتعالى في الفاتحة أن يتصل بها فإنه ما اتصل بها في المعنى إلا أسماؤها وأسماؤها عينها فلم يتصل بها سواها فإن أراد بالحمد عواقب الثناء فمبدؤه من حيث هو عواقب رجوع أسمائه إليه فإنه لا أثر لها إلا في الظاهر في المظاهر وعلى الظاهر يقع الثناء وليس الظاهر في المظاهر غيره فلا مثنى ولا مثنى ولا مثنى عليه إلا هو والتبس على الناس ما يتعلق بالمظاهر من الثناء فلهذا قالوا ما مبتدؤ الحمد والظاهر من سؤال هذا السائل أنه أراد الفاتحة لأنه قال في السؤال الذي يليه ما معنى آمين وهي كلمة شرعت بعد الفراغ من الفاتحة فهو ثناء بدعاء وكل ثناء بدعاء فهو مشوب ولهذا قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل فأمين المشروعة لما فيها من السؤال وهو قوله اهدنا ومن طلب شيئا من أحد فلا بد أن يفتقر إليه بحال طلبه فمبتدؤ الحمد على هذا هو الافتقار ولهذا سأل في الإجابة ثم إنه ما أوجب له الافتقار إليه إلا أثر غناه تعالى بما افتقر إليه فيه فمبتدؤ الحمد غنى الحق عن العالمين قال الله تعالى والله غني عن العالمين وقال تعالى يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد فقدم الفقر على الغني في اللفظ وغنى الحق مقدم في المعنى على فقراء الخلق إليه لا بل هما سؤالان تقدم أحدهما على الآخر فإن الغني عن الخلق
(١٠٠)