أحدية التعلق لكنه في الأشياء بين أن يجمعها أو يفرقها كلا أو بعضا وهي الأكوان فالوقت على الحقيقة عند الكامل جمع وتفرقة دائما ومن الناس من يشهد التفرقة خاصة في الجمع ولا يشهد جمع التفرقة فيتخيل إن ذلك عين الوقت فإذا سئل عن الوقت يشبهه بالمبرد فيقول الوقت مبرد يسحقك ولا يمحقك يقول يفرق جمعيتك ولا يذهب عينك فمن عرف الوقت وأن الحكم له فيه سكن تحت ما حكم به عليه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والثلاثون ومائتان في الهيبة) إن الجمال مهوب حيثما كانا * لأن فيه جلال الملك قد بأنا الحسن حليته واللطف شيمته * لذاك نشهده روحا وريحانا فالقلب يشهده يسطو بخالقه * والعين تشهده بالذوق إنسانا اعلم أن الهيبة حالة للقلب يعطيها أثر تجلى جلال الجمال الإلهي لقلب العبد فإذا سمعت من يقول إن الهيبة نعت ذاتي للحضرة الإلهية فما هو قول صحيح ولا نظر مصيب وإنما هي أثر ذاتي للحضرة إذا تجلى جلال جمالها للقلب وهي عظمة يجدها المتجلي له في قلبه إذا أفرطت تذهب حاله ونعته ولا تزيل عينه فلما تجلى ربه للجبل جعله ذلك التجلي دكا فما أعدمه ولكن أزال شموخه وعلوه وكان نظر موسى في حال شموخه وكان التجلي له من الجانب الذي لا يلي موسى فلما صار دكا ظهر لموسى ما صير الجبل دكا فخر موسى صعقا لأن موسى ذو روح له حكم في مسك الصورة على ما هي عليه وما عدا الحيوان فروحه عين حياته لا أمر آخر فكان الصعق لموسى مثل الدك للجبل لاختلاف الاستعداد إذ ليس للجبل روح يمسك عليه صورته فزال عن الجبل اسم الجبل ولم يزل عن موسى بالصعق اسم موسى ولا اسم الإنسان فأفاق موسى ولم يرجع الجبل جبلا بعد دكه لأنه ليس له روح يقيمه فإن حكم الأرواح في الأشياء ما هو مثل حكم الحياة لها فالحياة دائمة في كل شئ والأرواح كالولاة وقتا يتصفون بالعزل ووقتا يتصفون بالولاية ووقتا بالغيبة عنها مع بقاء الولاية فالولاية ما دام مدبرا لهذا الجسد الحيواني والموت عزله والنوم غيبته عنه مع بقاء الولاية عليه فإذا علمت إن الهيبة عظمة وأن العظمة راجعة لحال المعظم بكسر الظاء اسم فاعل علمت أنها حالة القلب فهو نعت كياني ومستندة في الإلهية من العلوم التي لا تنقال ولا تذاع ولا يعرفه إلا من علم إن الوجود هو الحق وأنه المنعوت بكل نعت قال تعالى ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب يعني تلك العظمة ولما كانت العظمة تعطي الحياء والحياء نعت إلهي فإن الله يستحيي من ذي الشيبة يوم القيامة لعظيم حرمة الشيب عنده تعالى فقد نعت نفسه بأن بعض الأشياء تعظم عنده كما قال وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم فقد قامت به العظمة لذلك الذي هان على الجاهل بقدره من الافتراء على بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والألفاظ لما كانت محجورة من الشارع علينا فلا نطلقها إلا حيث أمرنا بإطلاقها فوقع الفرق بين الهيبة والعظمة فنطلق العظمة في ذلك ولا نطلق الهيبة ولا الخوف ولا القبض فاعلم ذلك والله سبحانه يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأربعون ومائتان في الأنس) الأنس بالأنس لا بالصور يجمعنا * فاحذر فإنك ممكور ومخدوع لا تقف ما لست تدريه وتجهله * فإن ودك مفروق ومجموع أنت الإمام ولكن فيك حكمته * تعطي بأنك مخلوق ومصنوع فكيف يأنس من تفني شواهده * أكوانه وهو في الأسماع مسموع اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الأنس عند القوم ما تقع به المباسطة من الحق للعبد وقد تكون هذه المباسطة على الحجاب وعلى الكشف والأنس حال القلب من تجلى الجمال وهو عند أكثر القوم من تجلى الجمال وهو غلط من جملة ما غلطوا فيه لأن لهم أغاليط في العبارة لعدم التمييز بين الحقائق فما كل أهل الله رزقوا التمييز والفرقان مع الشهود الصحيح ولكن الشأن في معرفة ما هو هذا الذي وقع عليه الشهود وقد رأينا جماعة ممن شهد حقا ولكن ما عرف
(٥٤٠)