لا يدرك لنورها لون مخصوص معين ولا عين تسري في حقائق الكون ليس لعالم الأرواح المنفصلين عن الظلمة عليها أثر وذلك أن الأرواح المدبرة للأجسام العنصرية لا يمكن أن تدخل أبدا حظيرة القدس ولكن العارف الكامل يشهدها حظيرة قدس فيقول العارف عند ذلك إن هذه الأرواح لا تدخل حظيرة القدس أبدا لأن الشئ يستحيل أن يدخل في نفسه فهي عنده حظيرة قدس وغير العارف يشارك العارف في هذا الإطلاق فيقول إنها لا تدخل حظيرة القدس أي لا تتصف بالقدس أبدا فإن ظلمة الطبع لا تزال تصحب الأرواح المدبرة في الدنيا والبرزخ والآخرة فاختلفا في المشهد وكل قال حقا وأشار إلى معنى وما تواردوا على معنى واحد ولهذا لا يتصور الخلاف الحقيقي في هذا الطريق فإذا كان ملك القدس كل من اتصف بالطهارة الذاتية والعرضية والقدوس اسم إلهي منه سرت الطهارة في الطاهرات كلها فمن نظر الأشياء كلها بعين ارتباطها بالحقائق الإلهية كان ملك القدس جميع ما سوى الله من هذه الحيثية ومن نظر الأشياء من حيث أعيانها فليس ملك القدس منها إلا من كان طهوره عرضيا وأما الطهور الذاتي فلا ينبغي أن يكون ملك القدس إلا أن يكون ملك القدس عين القدس فحينئذ يصح أن يقال فيه ملك القدس وطهور كل مطهر بحسب ما تقضيه ذاته من الطهارة فطهارة حسية وطهارة معنوية فملك القدس منه ما هو من عالم المعاني ومنه ما هو من عالم الحس وقد تورث الأسباب الحسية المطهرة طهارة معنوية وقد تورث الأسباب المعنوية المطهرة طهارة حسية فأما الأول فقوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام وسبب هذه الطهارة المعنوية كلها إنما هو نزول هذا الماء من السماء وأما الثاني فقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة حين كان جنبا فانتزع أبو هريرة يده من يد النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما له لكونه غير طاهر لجنابة أصابته فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن لا ينجس فعرق المؤمن وسؤره طاهر فهذه طهارة حسية عن طهر معنوي وكذلك المقدس طهارته الحسية عن طهر معنوي فإن له التواضع وهو مسيل الحياة والعلم والحياة مطهرة والعلم كذلك فبالمجموع نال الطهارة فإن الأودية كلها طاهرة وإنما تنجس بالعرض وكل واد به شيطان فهو نجس فما يجد المؤمن فيه خير الأجل ذلك الشيطان كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا واد به شيطان فارتفع عنه وصلى في موضع آخر ووادي عرنة بعرفة موقف إبليس وكذلك بطن محسر فلهذا أمرنا بالارتفاع يوم عرفة عن بطن عرنة وأمرنا بالإسراع في بطن محسر ولهذا يعتبر الأولياء أهل الكشف ألفاظ الذكر كان شيخنا يقول الله الله فقلت له لم لا تقول لا إله إلا الله فقال أخاف أن أموت في وحشة النفي إذ كان كل حرف نفس فهذا مثل الإسراع في بطن محسر لئلا يدركه الموت في مكان غير طاهر ولأولياء الله في هذا الكشف التام نظر دقيق جعلنا الله من أهله (السؤال الخامس عشر ومائة) ما سبحات الوجه الجواب وجه الشئ ذاته وحقيقته فهي أنوار ذاتية بيننا وبينها حجب الأسماء الإلهية ولهذا قال كل شئ هالك إلا وجهه في أحد تأويلات هذا الوجه وهذه السبحات في العموم باللسان الشامل أنوار التنزيه وهو سلب ما لا يليق به عنه وهي أحكام عدمية فإن العدم على الحقيقة هو الذي لا يليق بالذات وهنا الحيرة فإنه عين الوجوه فإذا لا ينزه عن أمر وجودي ولهذا كانت الأسماء الإلهية نسبا إن تفطنت أحدثت هذه النسب أعيان الممكنات لما اكتسبت من الحالات من هذه الذات فكل حال تلفظ باسم يدل عليه من حيث نفسه إما بسلب أو إثبات أو بهما وهي هذه الأسماء على قسمين قسم كله أنوار وهي الأسماء التي تدل على أمور وجودية وقسم كله ظلم وهي الأسماء التي تدل على التنزيه فقال إن لله سبعين حجابا أو سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لا حرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه فإنه لو رفع الأسماء الإلهية ارتفعت هذه الحجب ولو ارتفعت الحجب التي هي هذه الأسماء ظهرت أحدية الذات ولا يقف لأحديتها عين تتصف بالوجود فكانت تذهب وجود أعيان الممكنات فلا توصف بالوجود لأنها لا تقبل الاتصاف بالوجود إلا بهذه الأسماء ولا تقبل الاتصاف بهذه الأحكام كلها عقلا وشرعا إلا بهذه الأسماء فالممكنات من خلف هذه الحجب مما يلي حضرة الإمكان فهو تجل ذاتي أورثها الاتصاف بالوجود
(١١٠)