انقضت دورة واحدة هي المجموع قابلت أجزاء هذا الفلك كلها من الكرسي موضع القدم منه فعمت تلك الحركة كل درجة ودقيقة وثانية وما فوق ذلك في هذا الفلك فظهرت الأحياز وثبت وجود الجوهر الفرد المتحيز الذي لا يقبل القسمة من حركة هذا الفلك ثم ابتدأ عند هذه النهاية بانتقال آخر في الوسط أيضا إلى أن بلغ الغاية مثل الحركة الأولى بجميع ما فيه من الأجزاء الأفراد التي تألف منها لأنه ذو كميات وتسمى هذه الحركة الثانية يوم الاثنين إلى أن كمل سبع حركات دورية كل حركة عينتها صفة إلهية والصفات سبع لا تزيد على ذلك فلم يتمكن أن يزيد الدهر على سبعة أيام يوما فإنه ما ثم ما يوجبه فعاد الحكم إلى الصفة الأولى فأدارته ومشى عليه اسم الأحد وكان الأولى بالنظر إلى الدورات أن تكون ثامنة لكن لما كان وجودها عن الصفة الأولى عينها لم يتغير عليها اسمها وهكذا الدورة التي تليها إلى سبع دورات ثم يبتدئ الحكم كما كان أول مرة عن تلك الصفة ويتبعها ذلك الاسم أبد الآبدين دنيا وآخرة بحكم العزيز العليم فيوم الأحد عن صفة السمع فلهذا ما في العالم إلا من يسمع الأمر الإلهي في حال عدمه بقوله كن ويوم الاثنين وجدت حركته عن صفة الحياة وبه كانت الحياة في العالم فما في العالم جزء إلا وهو حي ويوم الثلاثاء وجدت حركته عن صفة البصر فما في العالم جزء إلا وهو يشاهد خالقه من حيث عينه لا من حيث عين خالقه ويوم الأربعاء وجدت حركته عن صفة الإرادة فما في العالم جزء إلا وهو يقصد تعظيم موجدة ويوم الخميس وجدت حركته عن صفة القدرة فما في الوجود جزء إلا وهو متمكن من الثناء على موجدة ويوم الجمعة وجدت حركته عن صفة العلم فما في العالم جزء إلا وهو يعلم موجدة من حيث ذاته لا من حيث ذات موجدة وقيل إنما وجد عن صفة العلم يوم الأربعاء وهو صحيح فإنه أراد علم العين وهو علم المشاهدة والذي أردناه نحن إنما هو العلم الإلهي مطلقا لا العلم المستفاد وهذا القول الذي حكيناه أنه قيل ما قاله لي أحد من البشر بل قاله لي روح من الأرواح فأجبته بهذا الجواب فتوقف فالقى عليه أن الأمر كما ذكرناه ويوم السبت وجدت حركته عن صفة الكلام فما في الوجود جزء إلا وهو يسبح بحمد خالقه ولكن لا نفقة تسبيحه إن الله كان حليما غفورا فما في العالم جزء إلا وهو ناطق بتسبيح خالقه عالم بما يسبح به مما ينبغي لجلاله قادر على ذلك قاصد له على التعيين لا لسبب آخر فمن وجد عن سبب مشاهدة عظمة موجدة حي القلب سميع لأمره فتعينت الأيام أن تكون سبعة لهذه الصفات وأحكامها فظهر العالم حيا سميعا بصيرا عالما مريدا قادرا متكلما فعمله على شاكلته كما قال تعالى قل كل يعمل على شاكلته والعالم عمله فظهر بصفات الحق فإن قلت فيه إنه حق صدقت فإن الله قال ولكن الله رمى وإن قلت فيه إنه خلق صدقت فإنه قال إذ رميت فعرى وكسى وأثبت ونفى فهو لا هو وهو المجهول المعلوم ولله الأسماء الحسنى وللعالم الظهور بها في التخلق فلا يزاد في الأيام السبعة ولا ينقص منها وليس يعرف هذه الأيام كما بيناها إلا العالم الذي فوق الفلك الأطلس لأنهم شاهدوا التوجهات الإلهيات من هناك على إيجاد هذه الأدوار وميزوا بين التوجهات فانحصرت لهم في سبعة ثم عاد الحكم فعلموا النهاية في ذلك وأما من تحت هذا الفلك فما علموا ذلك إلا بالجواري السبعة ولا علموا تعيين اليوم إلا بفلك الشمس حيث قسمته الشمس إلى ليل ونهار فعين الليل والنهار اليوم ثم إن الله تعالى جعل في هذا الفلك الأطلس حكم التقسيم الذي ظهر في الكرسي لما انقسمت الكلمة فيه بتدلي القدمين إليه وهما خبر وحكم والحكم خمسة أقسام وجوب وحظر وإباحة وندب وكراهة والخبر قسم واحد وهو ما لم يدخل تحت حكم واحد من هذه الأحكام فإذا ضربت اثنين في ستة كان المجموع اثني عشر ستة إلهية وستة كونية لأنها على الصورة فانقسم هذا الفلك الأطلس على اثني عشر قسما عينها ما ذكرناه من انقسام الكلمة في الكرسي وأعطى لكل قسم حكما في العالم متناهيا إلى غاية ثم تدور كما دارت الأيام سواء إلى غير نهاية فأعطى قسما منها اثنتي عشر ألف سنة وهو قسم الحمل كل سنة ثلاثمائة وستون دورة مضروبة في اثني عشر ألفا فما اجتمع من ذلك فهو حكم هذا القسم في العالم بتقدير العزيز العليم الذي أوحى الله فيه من الأمر الإلهي الكائن في العالم ثم تمشي على كل قسم بإسقاط ألف حتى تنتهي إلى آخر قسم وهو الحوت وهو الذي يلي الحمل والعمل في كل قسم بالحساب كالعمل الذي ذكرناه في الحمل فما اجتمع من ذلك فهو الغاية ثم يعود الدور كما بدأ كما بدأكم تعودون فالمتحرك ثابت العين والمتجدد إنما هي الحركة فالحركة لا تعود عينها أبدا لكن مثلها
(٤٣٨)