هذا العلم فأمره إلى الله وهو بحسب قصده في ذلك فإنه قد يقصد الرياسة وتكون المصلحة في حكم التبع وقد يقصد المصلحة وتكون الرياسة تبعا وهذا الكلام لا يتصور إلا مع عدم الشرع المقرر بالدليل في تلك الجماعة وذلك المكان خاصة وإذا نظر إلى نفوسهم ابتلاهم بمخالفة أممهم فاختلفوا عليه واختلفوا فيما بينهم وإن اجتمعوا عليه وهذا كله إذا اتفق أن ينظر النبي إلى نفسه ولا بد له من النظر إلى نفسه فإن الجلوس مع الله لا تقتضي البشرية دوامه وإذا لم يدم فما ثم إلا النفس فيكون نظره في هذا الحال نظر ابتلاء لأن النبي في تلك الحالة صاحب دعوى إنه قد بلغ رسالة ربه وكذا ورد ما من نبي إلا وقد قال قد بلغتكم ما أرسلت به إليكم وقال ألا هل بلغت فأضاف التبليغ إليه ولم يقل في هذه الحال قد بلغ الله إليكم بلساني ما قد أسمعكم فلو قال هذا ما ابتلوا ببلاء النفوس وفي هذا لله حكم خفي ليعلم العبد أنه محل للتوفيق ونقيضه وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله على ما أمر به ونهي عنه فالحكم لله العلي الكبير (السؤال السادس والعشرون ومائة) كم إقباله على خاصته في كل يوم الجواب أربعة وعشرون ألف إقبال في كل يوم يهبهم في ذلك الإقبال ما شاء ويأخذ منهم في الإقبال الثاني ما كان أعطاهم في الإقبال الأول إما أخذ قبول وإما أخذ رد غير مقبول فإن الله قد أمرهم بالأدب في كل ما يلقي إليهم عند أخذهم وكذلك إذا ردوا الأمور إليه يردونها محلاة بالأدب الإلهي فذلك داعية القبول الإلهي فإن أساءوا الأدب في الأخذ والرد عاد وبال ذلك عليهم وليسوا عند ذلك بخاصة الله فالخاصة تحضر مع الله أربعة وعشرين ألف مرة في كل يوم وإن أردت التحرير في المقال إن لم يكن عندك علم وتخرج من العهدة فقل إقباله على خاصته كل يوم بعدد أنفاسهم كانت ما كانت فمن اطلع على توقيت أنفاسه علم توقيت إقبال الله عليه في كل يوم فإن ذلك النفس من نفس الرحمن فهو عين إقبال الحق عليهم وبه تنورت هياكلهم فهو في الأجسام ريح وفي اللطائف أرواح جمع روح بفتح الراء وتسكين الواو سكونا حيا (السؤال السابع والعشرون ومائة) ما المعية مع الخلق والأصفياء والأنبياء والخاصة والتفاوت والفرق بينهم في ذلك الجواب قال الله تعالى وهو معكم أينما كنتم فالأينية إلينا وقال لموسى وهارون إنني معكما أسمع وأرى فنبههما على أنه سمعهما وبصرهما تذكرة لهما أو أعلاما لم يتقدمه علم به عندهما فإنه قد صح عندنا في الخبر أن العبد إذا أحبه ربه كان سمعه وبصره الذي يسمع به ويبصر به فالنبي أولى بهذا ممن ليس بنبي وطبقات الأولياء كثيرة ولكن ما ذكر منها إلا ما قلناه فلا نتعدى بالجواب قدر ما سأل فنقول إن المعية تقتضي المناسبة فلا نأخذ من الحق إلا الوجه المناسب لا الوجه الذي يرفع المناسبة ثم إننا أردنا أن نعمم الجواب بتعميم قوله تعالى أينما كنتم من الأحوال ولا يخلو موجود عن حال بل ما تخلو عين موجودة ولا معدومة أن تكون على حال وجودي أو عدمي في حال وجودها أو عدمها ولهذا قال تعالى وهو معكم أينما كنتم فإن قلت قوله كنتم لفظة معناها وجودي فالمعنى أينما كنتم من الوجود فنقول صحيح ولكن من أي الوجوه من الوجود من حيث العلم بكم وما ثم إلا هو أو من حيث الوجود الذي يتصف به عين الممكنات من حيث ما هي مظاهر فحالة منها توصف العين الممكنة بها بالعدم ولهذا نقول كان هذا معدوما ووجد والكون يناقض العدم مع صحة هذا القول فيعلم عند ذلك أن قوله تعالى أينما كنتم أي على أي حالة تكونون من الوصف بالعدم أو الوجود ثم نقول إنه مع الخلق بإعطاء كل شئ خلقا من كونهم خلقا لا غير فينجر معه إنه معهم بكل ما تطلبه ذواتهم من لوازمها ومعيته مع الأصفياء بما يعطيه الصفاء من التجلي فإنهم قد وصفهم وأنهم أصفياء فما هو معهم بالصفاء والاصطفاء وإنما هو معهم بما يطلبه الاصطفاء وقدم الخلق فإنه مقدم بالرتبة فإن الاصطفاء لا يكون إلا بعد الخلق بل هم من الخلق عند الحق بمنزلة الصفي الذي يأخذه الإمام من المغنم قبل القسمة فذلك هو نصيب الحق من الخلق وما بقي فله ولهم وأما معيته مع الأنبياء فبتأييد الدعوى لا بالحفظ والعصمة إلا أن أخبر بذلك في حق نبي معين فإن الله قد عرفنا إن الأنبياء قتلتهم أممهم وما عصموا ولا حفظوا فلا بد أن يكون ظرف المعية التأييد في الدعوى لإقامة الحجة على الأمم فإنه قال فلله الحجة البالغة ولا يكون نبيا حتى يقدمه الاصطفاء فلهذا أخر النبوة عن الاصطفاء فإنه ما كل خلق مصطفى وما كل مصطفى نبي ومعيته مع الخاصة بالمحادثة برفع الوسائط بعد تبليغ ما أمر بتبليغه مثل قوله ورأيت
(١١٨)