نور أعني الكتاب فقال عز من قائل هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن إلا إن المؤمن هنا له وجهان معطي الأمان ومصدق الصادقين من عباده عند من لم يثبت صدقهم عنده ولهذا قال تعالى حكاية عما يقوله الصادق يوم القيامة لربه قال رب احكم بالحق ليثبت صدقي عند من أرسلتني إليهم فيما أرسلتني به فجاء بلفظ يدل على أنه وقع وهو عند العامة ما وقع فإنه يوم القيامة وما أخبر الله إلا بالواقع فلا بد أن يكون ثم حضرة إلهية فيها وقوع الأشياء دائما لا تتقيد بالماضي فيقال قد وقعت ولا بالمستقبل فيقال تقع ولكن متعلقها الحال الدائم وبين القلوب وبين هذه الحضرة حجاب التقييد فإذا كوشف العبد على خلوصه من التقييد وظهر بصورة حق في حضرة مطلقة شهد ما يقال فيه يقع واقعا وشهد ما يقال فيه واقعا فلم يزل واقعا ولا يزال واقعا فعنه تقع الحكايات الإلهية بأنه يقع مثل قوله تعالى يوم تأتي كل نفس فعلق بالمستقبل وقوله عز وجل أتى أمر الله فأتى بالماضي وكلا التقييدين يدل على العدم والحال له الوجود والعدم لا يقع فيه شهود ولا تمييز فلا بد أن يكون المخبر عنه بأنه كان كذا أو يكون كذا له حالة وجودية في حضرة إلهية عنها تقع الإخبارات والواقف فيها يسمى صديقا وهي بنفسها الصديقية ولها اطلاع من خلف حجاب هذا الهيكل المظلم في حق شخص والهيكل المنور في حق شخص فإن وجدت عينا مفتوحة سليمة من الصدع أبصرت هذه العين بهذا النور من هذه الحضرة صدق المخبرين كانوا من كانوا فيسمون صديقين بذلك وتسمى هذه الحالة صديقية وللملأ الأعلى منها شرب وللرسل فيها شرب وللأنبياء فيها شرب وللأولياء فيها شرب وللمؤمنين فيها شرب ولغير المؤمنين من جميع أهل النحل والملل شرب فيسعد بها قوم ويشقى بها قوم لشروط تتعلق بها ولوازم بها يقال مؤمن وكافر ومشرك وموحد ومعطل ومثبت ومقر وجاحد وصادق وكاذب فقد عمت الصديقية جميع الهياكل المنورة والمظلمة والنورية والنارية والطبيعية العنصرية ولا يشعر بها إلا الأكابر من الرجال وهم العارفون بسريانها في الموجودات فإذا نظرت أرباب هذه الهياكل أنفسها مجردة عن هياكلها خرجت عن حضرة الصديقية وكانت من أهل المعاينة فصارت ترى من بعد ما كانت كأنها ترى فالحق سبحانه من كونه مؤمنا له حضرة الصديقية فبها يصدق الحق عباده المؤمنين بقوله وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه فصدقهم في كونهم ما عبدوا سواه في الهياكل المسماة شركاء قال تعالى قل سموهم وقال إن هي إلا أسماء سميتموها وبهذا يصدق العباد في الأخبار كلها من غير توقف فلها حكم في الطرفين فإن في هذا الذي قلناه آية لقوم يعقلون ما فيه آية لقوم يتفكرون ولا لقوم يعلمون على الإطلاق إلا إن أراد بيعلمون يعقلون فالصديقية مستندها من الأسماء الإلهية المؤمن وكذلك أثرها في المخلوقات الايمان وكذلك أسماؤهم المؤمنون الصديقون لهم النور لصدقهم إذ لولا النور لما عاينوا صدق المخبر وصدق الخبر من خلف حجاب هذا الهيكل فطوبى لهم ثم طوبى وحسن مآب انتهى الجزء السادس والثمانون (بسم الله الرحمن الرحيم) (السؤال السادس والثمانون) على كم سهم ثبتت العبودية الجواب على تسعة وتسعين سهما على عدد الأسماء الإلهية التي من أحصاها دخل الجنة لكل اسم إلهي عبودية تخصه بها يتعبد له من يتعبد من المخلوقين ولهذا لا يعلم هذه الأسماء الإلهية إلا ولي ثابت الولاية فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ثبت عندنا أنه عينها وقد يحصيها بعض الناس ولا يعلم أنها هي التي ورد فيها النص كما يكون وليا ولا يعلم أنه ولي ومن رجال الله من عرفهم الله بها من أجل ما يطلبه كل اسم منها من عبودية هذا العبد فيعين له هذا الولي العارف من العبودية بحسب الاسم الذي له الحكم عليه في وقته فمن أحصى هذه الأسماء الإلهية دخل الجنة المعنوية والحسية فأما المعنوية فبما ذا تطلبه هذه الأسماء من العلم بالعبودية التي تليق بها وأما الحسية فبما ذا تطلبه هذه الأسماء من الأعمال التي تطلبه من العباد فلا بد من تمييزها وكيف يعرف اسم لعبودية من لا يعلم من الله ما يطلبه منه فبهذا النظر يكون للعبودية سهام ويكون عددها ما ذكرناه والعاملون بهذه العبودية رجلان رجل يعمل بها من حيث شرعه ومن عمل بها من حيث شرعه فقد عمل بها من حيث عقله ورجل
(٩٢)