زائدا وهو أن ذلك الحال يؤدي في حق المدرك له ودا أو بغضا أو كراهة أو ما كان فهذه زيادة الحال التي أعطاك وبهذا يقع العلم بالمنزلة عند الله قال بعضهم إني لأعرف متى يحبني ربي فقيل له ومن أين لك معرفة ذلك فقال هو عرفني به فقيل له أوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قوله فاتبعوني يحببكم الله وأنا في هذه الساعة في حال اتباع لما شرع وهو صادق القول فأعطاني الحال إن الله محب لي في هذه الساعة لكوني مجلي لما أحب وهو تعالى ناظر إلى محبوبه ومحبوبه ما أنا عليه فأضاف تعلق المحبة التي تصيرني محبوبا بالاتباع وأما المكاشفة بالوجد وهي تحقيق الإشارة أعني إشارة المجلس لا الإشارة التي هي نداء على رأس البعد لأنه لا يبلغ مداها الصوت وذلك أن مجالس الحق على نوعين النوع الواحد لا يتمكن فيه إلا الخلوة به تعالى فهذا لا تقع فيه الإشارة وذلك إذا جالسته من حيث هو له على علمه به والنوع الثاني ما تمكن فيه المشاركة في المجلس وهو إذا تجلى للعبد في صورة أمكن أن تحضر في تلك المجالسة جماعة قلوا أو كثروا ولو كان واحدا زائدا على هذا الجليس ففي مثل هذا المجلس تكون الإشارة فإن الجليس الآخر فما زاد لا يمكن أن يجتمعا على قدم واحدة حتى لو اطلع كل واحد من الجلساء على حال الآخر مع الله ما احتمله وكفر به وأنكره وقال هذا إبليس فلا بد إذا وقع الإفهام من الله لكل جليس له في هذه الحضرة والمجلس الصوري أن يكون بالإشارة لا بالتصريح فيفهم كل إنسان من تلك الإشارة ما في وسعه فالكلمة عنده تعالى واحدة وبالنظر إلى الجلساء كلمات كثيرة فينصرف كل جليس راضيا يزعم أنه أخص من الباقين ولله رجال أعطاهم من الفهم والاتساع وحفظ الأمانة أن يفهموا عن الله في مثل هذه المجالس جميع إشارات كل مشار إليه وهم الذين يعرفونه في تجلى الإنكار والشاهدون إياه في كل اعتقاد والحمد لله الذي جعلنا منهم إنه ولي ذلك وهذا القدر كاف انتهى السفر السابع عشر بانتهاء الباب العاشر ومائتين (بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب الحادي عشر ومائتان في اللوائح) لوائح الحق ما تبدو لأسرار * من السمو ومن حال إلى حال وقد تكون بما يبدو لناظره * من غير جارحة بالعلم والحال من النعوت التي يعطيك شاهدها * دليلها إنها في الآل كالآل اعلم أن اللوائح عند القوم ما يلوح إلى الأسرار الظاهرة من السمو من حال إلى حال وعندنا ما يلوح للبصر إذا لم يتقيد بالجارحة من الأنوار الذاتية والسبحات الوجهية من جهة الإثبات لا من جهة السلب وما يلوح من أنوار الأسماء الإلهية عند مشاهدة آثارها فيعلم بأنوارها أما السمو من حال إلى حال هو أن لا يرجع إلى الحال الذي انتقل عنه في الحال الذي هو فيه إذا انتقل عنه إلى ما هو فوقه والمراد بذلك ما يأتي به الحال من الواردات الإلهية والمعرفة بالله وهي المنازل ما هي الكرامات فإن الأحوال قد تعود مرارا ولكن لا يحمد صاحبها فيها إلا إذا زادته علما بالله لم يكن عنده لا بد من ذلك وتلك الزيادة هي اللائحة فإن لم ترقه تلك الزيادة في الحال فليست بلائحة مع صحة الحال والحال كونك باقيا أو فانيا أو صاحيا أو سكران أو في جمع أو تفرقة أو في غيبة أو في حضور والأحوال معروفة وهي الأبواب التي ذكرناها في هذا الفصل وفيها أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول وقل رب زدني علما يرقى به عنده منزلة لم تكن له وهذه الأحوال لا يختص بها البشر ولا موطن الدنيا بل هي دائمة أبدا في الدنيا والآخرة وهي لكل مخلوق فاللوائح كأنها مبادي الكشوف ولهذا قد تثبت وقد يسرع زوالها إلا أنه لا بد لها فيمن تلوح له من زيادة علم يرقى به درجة عند الله تعالى هذا يشترط في اللوائح وقلنا من شرط اللائحة أن يكون الإدراك بالبصر لا بالبصيرة في الحال الذي لا يتقيد البصر بالجارحة المقيدة بالجهة المخصوصة بل بحقيقة البصر المنسوب إلى النفس الناطقة ثم يزاد إلى ذلك أمر آخر وهو أن يكون الحق بصره فهو الشاهد له والبينة من ربه على إن بصره لم يتقيد بالجارحة وقد صح هذا المقام عن رسول الله
(٤٩٨)