الجزاء الذي هذه صفته فتكون تلك جزاء هؤلاء وهذا من باب ما طلبه الله من عباده فقال اذكروني واعبدوني وأطيعوني واشكروا لي ولا تكفرون وهذا كله جزاء من العبد في مقابلة ما أنعم الله عليه به من الوجود خاصة فكيف إذا انضاف إلى ذلك ما خلق من أجله من النعم المعنوية والحسية قال تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فعلل فيعبدوه لكونه أنعم عليهم بالإيجاد لكمال مرتبة العلم والوجود من حيث من ذكر من الأجناس فاعلم ذلك لا لكمال مرتبة الوجود والمعرفة من غير هذا التقييد فإن ذلك يكفي فيه خلق محدث واحد وإيجاد العلم المحدث فيه المتعلق بالله والكون ولكن لما كانت الأجناس منحصرة عند الله وأوجدها كلها وبقي هذان الجنسان أوقع الإخبار عنهما بما ذكر فشرحناه بما يعطيه الحال المقصودة لخالقهما تعالى بهما انتهى الجزء الثامن والثمانون (بسم الله الرحمن الرحيم) (السؤال الثاني عشر ومائة) ما صفات ملك الضياء الجواب قال تعالى في القرآن إنه ضياء وذكرى للمتقين فكلما أضاء بالقرآن فهو ملك الضياء وكذلك جعل الشمس ضياء فكلما أضاء بالشمس في الدنيا ويوجد به عينه فهو من ملك الضياء وكل نور أعطى ضياء فهو من ملك الضياء مما لا يقابله معطي الضياء بنفسه أي نوع كان من الأنوار فضياؤه هو الضوء الذي لا يكون معه الحجاب عما يكشفه والنور حجاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الحق تعالى حجابه النور وقال نوراني أراه والضياء ليس بحجاب فالضياء أثر النور وهو الظل فإن النور صيره الحجاب ضياء فهو بالنسبة إلى الحجاب ظل وإلى النور ضياء فله الكشف من كونه ضياء وله الراحة من كونه ظلا فملك الضياء ملك الكشف فهو ملك العلم وملك الراحة فهو ملك الرحمة فجمع الضياء بين الرحمة والعلم قال تعالى في منته على عبده خضر آتيناه رحمة من عندنا وهو الظل وعلمناه من لدنا علما وهو الضياء أي الكشف الضيائي وهو أتم الكشوف وإنما قلنا النور حجاب لقوله عليه الصلاة والسلام نوراني أراه أي النور لا يتمكن أن تدركه الأبصار لأنها تضعف عنه فهو حجاب على نفسه بنفسه والضياء ليس كذلك فالضياء روح النور والضياء للنور ذاتي فملك الضياء ملك ذاتي وضوء الذات الأسماء الإلهية فملك الضياء ملك الأسماء والقرآن ضياء فملكه ما أظهره القرآن فعلم الخضر في زمان موسى عليه السلام جزء من أجزاء ما يحويه صاحب القرآن المحمدي من العلوم فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم وفيه ما ليس فيها فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم قال تعالى ما فرطنا في الكتاب من شئ وهو القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وبه صح لمحمد صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه فمن أعطى القرآن فقد أعطى العلم الكامل فما ثم في الخلق أتم من المحمديين وهم خير أمة أخرجت للناس ثم جعل الشمس ضياء لوجود روح الحياة في العالم كله وبالحياة رحم العالم فالحياة فلك الرحمة التي وسعت كل شئ وكذلك نسبة الحياة إلى الذات الإلهية شرط في صحة كل نسبة نسبت إلى الله من علم وإرادة وقدرة وكلام وسمع وبصر وإدراك فلو رفعت نسبة الحياة إليه ارتفعت هذه النسب كلها فهي الرحمة الذاتية التي وسعت جميع الأسماء فهي ضياء النور الذاتي وظل الحجاب النسبي لأنه لا يعقل الإله إلا بهذه النسب وتعقل الذات نورا لا من حيث هذه النسب فكونه إلها حجاب على الذات فكانت الألوهية عين الضياء فهي عين الكشف والعلم وكانت عين الظل النسبية فكانت عين الرحمة فجمعت الألوهية بين العلم والرحمة في حق الكون وهو المألوه وفي حق الأسماء الإلهية فما أعطاه هذا المقام الإلهي فهو ملك الضياء وهو أرفع من ملك السماوات والأرض وما بينهما ولكن أكثر الناس لا يعلمون بل لا يؤمنون وقد نبهتك على ما فيه غنية وشفاء في ملك الضياء فالكل في ملك الضياء أو ليس عندهم خبر والكل في عين الظلال وهو المسمى بالمقر
(١٠٧)