(بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب الموفي مائتين في حال الوصل) لو فاتنا ما فات لم تك صورة * والوصل فينا درك ذاك الفائت ما فات إلا كوننا لم نبغه * فإذا ابتغينا كان ثبت الثابت وبه تفاضلت الرجال فمنهم * حي وذاك الحي عين المائت والميت منا ليس يعرف موته * والناطق المعصوم عين الصامت اعلم أن الوصل في اصطلاح القوم إدراك الفائت وهو إدراك السالف من أنفاسك وهو قوله تعالى يبدل الله سيئاتهم حسنات والعلة في ذلك أن كل حال له نفس يتضمن ذلك النفس جميع ما سلف من أنفاس ذلك المتنفس من حيث ما كانت عليه تلك الأنفاس من الأحكام فله فائدة المجموع وما يتميز به من غيره وهو قول الطائفة لو أن شخصا أقبل على الله دائما ثم أعرض عنه طرفة عين كان ما فاته في تلك اللحظة أكثر مما ناله وهذه المسألة حيرت العارفين بالوصل إذا صح لم يعقبه الفصل هذا هو الحق فإن الحق سبحانه لا يقبل وصله الانفصال ولا تجلى لشئ ثم انحجب عنه لأن العالم بما هو به عالم لا يكون بخلاف حكم علمه فالحق مع الكون في حال الوصل دائما وبهذا كان إلها وهو قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم أي على أي حال كنتم من عدم ووجود وكيفيات فهكذا هو في نفس الأمر والذي يحصل لأهل العناية من أهل الله أن يطلعهم الله ويكشف عن بصائرهم حتى يشهدوا هذه المعية وذلك هو المعبر عنه بالوصل أعني شهود هذا العارف فقد اتصل العارف بشهود ما هو الأمر عليه فلا يتمكن أن ينقلب هذا الوصل فصلا كما لا ينقلب العلم جهلا فإنه يعطيك هذا المشهد الكيفية فيه على ما هي عليه فهذا يا أخي معنى الوصل عند الطائفة في اصطلاحهم جعلنا الله وإياكم من أهل الوصل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الحادي ومائتان في حال الفصل) الفصل فوت الرجاء إن كنت تعقله * ودع يفوتك فالمرجو قد حصلا من غير ما هو مرجو لطالبه * وهو الدليل لعبد الله إذن كملا لا بد منا ومنه والدليل لنا * الفرق ما بين من يدري ومن جهلا اعلم أن الفصل عند الطائفة فوت ما ترجوه من محبوبك وعندنا الفصل هو تمييزك عنه بعد كونه سمعك وبصرك فإن وقع لك التمييز قبل هذا فليس هو الفصل المذكور في هذا الباب فإن المراد به هنا الفصل الذي يكون عن الوصل وهذا هو الذوق وقبل الذوق قد يخطر للعبد من الرجاء أن يكون الحق فيتفق أن يطلع على إحالة هذه الكينونة فيكون أيضا هذا من الفصل المبوب عليه في هذا الباب وما ثم أعلى من هذا الرجاء ثم ينزل من هذا إلى ما يرجوه من التحقق بالأسماء والصفات والنعوت في الأكوان علوها وسفلها فكل ما فاتك من هذه الأمور فهو فصل أيضا من هذا الباب ولكن من شرط هذا الفصل والوصل أن يكون من مقام المحبة وإن كانت من طريق الإرادة فإن المحبة وإن كانت عين الإرادة فهي تعلق خاص كالشهوة لها تعلق خاص وهي إرادة وكذلك العزم حال خاص في الإرادة والهم والنية والقصد كل ذلك أحوال للإرادة واعلم أن الرجاء من صفات المؤمنين من حيث ما هو مؤمن والفعل تابع له فهو من أحوال المؤمنين ما هو من أحوال العارفين فإنهم على بصيرة من أمرهم فلا رجاء عندهم وهكذا نعت كل من هو من أمره على بصيرة كما قال لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا وكما يئس الكفار من أصحاب القبور فالفصل الذي يكون للعارفين ما هو فوت ما يرجى وإنما هو تحقيق ما يقع به التمييز بين الحقائق ولا يكون ذلك إلا للعلماء بترتيب الحكمة في الأمور فيعطي كل ذي حق حقه كما فصل كل شئ بما يتميز به عن أن يشترك مع غيره فأما في الأسماء الإلهية فبما تدل عليه من حيث ما هي عدد فلما قبلت الكثرة احتيج إلى الفصل إما في ذات المسمى من نسبة معانيها إليه وإما من حيث ما تظهر فيه آثارها فيحدث
(٤٨٠)