الاختيار فالعبد مجبور في اختياره ومن هذه المسألة تعرف أفعال العباد لمن هي منسوبة بحكم الخلق هل ينفرد بها أحد القادرين أو هل هي لقادرين لكل قادر فيها نسبة خاصة بها وقع التكليف ومن أجلها كان العقاب والثواب وقد ذكرنا ما لهذا الفلك من الأثر في قلوب العارفين وذكر غيرنا وذكرنا ما له من الأثر في عالم الخلق من الكون والفساد وهو عالم الأركان والمولدات كل ذلك من هذا النفس الرحماني لأنه يعطي الحركات والحركة سبب الوجود ألا ترى الأصل لولا توجه الإرادة وهي حركة معنوية والقول وهو حركة معنوية وبها سميت اللفظة لفظة لهذه الحركة ما ظهر وجود ومن هذا الفلك أعطى الله وجود يوم السبت وهو يوم الأبد فليله في الآخرة لا انقضاء له ونهاره أيضا في المحل الثاني لا انقضاء له وفيه تحدث الأيام السبعة ومنها السبت وهذا من أعجب الأمور أيضا أن الأيام التي منها السبت تحدث في يوم السبت فهو من جملة الأيام وفيه يظهر الأيام ولهذا مستند في الحقيقة الإلهية وذلك أن الترمذي خرج في غريب الحسان عن أبي هريرة عن رسول الله ص قال لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال له الحق قل الحمد لله فقال الحمد لله فحمد الله بإذنه فقال له يرحمك ربك يا آدم لهذا خلقتك هذه الزيادة ليست من الترمذي ثم رجعنا إلى حديث الترمذي يا آدم اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس فقل السلام عليكم قالوا وعليك السلام ورحمة الله ثم رجع إلى ربه فقال إن هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم فقال الله له ويداه مقبوضتان اختر أيهما شئت قال اخترت يدي ربي وكلتا يمين ربي يمين مباركة وبسطها وإذا فيها آدم وذريته الحديث فهذا آدم في تلك القبضة في حال كونه خارجا عنها وهكذا عين هذه المسألة وإذا نظرت وجدت العالم مع الحق بهذه المثابة موضع حيرة هو لا هو ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى فختم بما به بدأ فيا ليت شعري من الوسط فإنه وسط بين نفي وهو قوله وما رميت وبين إثبات وهو قوله ولكن الله رمى وهو قوله ما أنت إذ أنت لكن الله أنت فهذا معنى قولنا في كلامنا في الظاهر والمظاهر وإنه عينه مع اختلاف صور المظاهر فنقول في زيد إنه واحد مع اختلاف أعضائه فرجله ما هي يده وهي زيد في قولنا زيد وكذلك أعضاؤه كلها وباطنه وظاهره وغيبه وشهادته مختلف الصور وهو عين زيد ما هو غير زيد ثم تضاف كل صورة إليه ويؤكد بالعين والنفس والكل والجمع وفي هذا الفلك عين الموت ومعدن الراحة وسرعة الحركة في ثبات وطرح الزينة والأذى وله حصل هذا الكوكب في برج الأسد وهو نقيضه في الطبع ونظيره في الثبوت ومن هنا يعرف قول من قال إن المثلين ضدان هل أخطأ أو أصاب وإذا نزل الكوكب في البرج هل يمتزج الحكم فيكون للمجموع حكم ما هو لكل واحد منهما على انفراد أو يغلب حكم المنزلة والبرج على الكوكب النازل فيه أو يغلب حكم الكوكب على البرج أو يتصف أحدهما بالأكثر في الحكم والآخر بالأقل مع وجود الحكمين فعندنا لا يحكم واحد في آخر وإن حكم جمعيتهما يظهر في المحكوم فيه ولكل واحد منهما قوة في ذلك المحكوم فيه بذلك الحكم لأنه عنهما صدر ذلك الحكم من حالة تسمى الاجتماع كما يكون ذلك في الاقترانات بين الكواكب وهذا نوع من الاقتران وليس باقتران ولكنه نزول في منزل (الفصل الثاني والعشرون في الاسم العليم) وتوجهه على إيجاد السماء الثانية وخانسها ويوم الخميس وموسى عليه السلام وحرف الضاد المعجمة والصرفة من المنازل قال الله تعالى آمرا لنبيه صلى الله عليه وسلم وقل رب زدني علما الكلام في كون هذه السماء وباقي السماوات والأفلاك كما تقدم غير أني أشير إلى ما يختص به كل سماء خاصة من الحكم فأما هذه السماء فأوحى الله فيها أمرها وتفصيل أمر كل سماء يطول وقد ذكرنا من ذلك طرفا جيدا في التنزلات الموصلية فمن أمرها حياة قلوب العلماء بالعلم واللين والرفق وجميع مكارم الأخلاق ولذلك لم ينبه أحد من سكان السماوات من أرواح الأنبياء عليهم السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فرض الله على أمته صلى الله عليه وسلم خمسين صلاة غير موسى عليه السلام فإنه قال له راجع ربك فإنه كان أعلم منه بهذه الأمور لذوقه مثله في بني إسرائيل وما ابتلي به منهم فتكلم عن ذوق وخبرة فكل شيخ لا يتكلم في العلوم عن ذوق ومجلى إلهي لا عن كتب ونقل فليس بعالم ولا أستاذ فلولاه لكان الفرض علينا في الصلاة خمسين صلاة مع كونه أرسله الله رحمة للعالمين ومن كثر تكليفه قلت رحمته فقيض الله له في مدرجة إسراءه موسى عليه السلام فخفف الله عن هذه الأمة به صلى الله عليه وسلم فهذا ما كان إلا من حكم أمر هذه
(٤٤٤)