إلا التعب خاصة فكان المسافر يستعجل عذابا ومشقة فإن الأمور الجارية على العبد مثل الرزق والأجل إن لم تأت إليه أتى إليها لا بد من ذلك ولا معنى لشكوى الشوق يوما إلى من لا يزول من العيان السكون مع المشاهدة والحركة مع الفقد إلا الحركة المأمور بها لأنك لا تخلو إن تتحرك في طلبه فأنت فاقدا وفي غير طلبه فأنت خاسر فالسكون بكل حال أولى من الحركة التي في مقام ذلك السكون وأنت في مقام أن تتحرك بالله فالسكون بالله مع الله أولى لراحة الوقت فإنه والله إن كنت فاقدا له في السكون فأنت في الحركة المحسوسة أفقد بما لا يتقارب فلا تكونن من الجاهلين واصبر وما صبرك إلا بالله لو لم يكن من شرف السكون إلا ورود الأسماء الإلهية عليك ونزول الحق إليك لأنك إن تحركت إليه حددته وإن سكنت معه عبدته الحركة إليه عين الجهل به والسكون معه عين العلم به ما أسرى برسول الله ص ليراه وإنما أسرى به ليريه من آياته من قوله لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس فمن رجح ترك السفر فقد أصاب في النظر وقصد عين الخبر إذا كان جليس الذاكر فإلى أين يرحل فهذا قد أبنت لك عن السفر وتركه فكن بحسب ما يقع لك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والسبعون ومائة في معرفة أحوال القوم رضي الله عنهم عند الموت) للقوم عند حلول الموت أحوال * تنوعت وهي أمثال وأشكال فمنهم من يرى الأسماء تطلبه * ومنهم من يرى الأملاك والحال في ذاك مختلف عند الوجود لما * تعطي الحقائق والتفصيل إجمال ومنهم من يرى الإرسال مقبلة * إليه تتحفه والرسل أعمال ومنهم من يرى التنزيه يطلبه * وهو الذي عنده التشبيه إضلال وكلهم سعدوا والعين واحدة * وعندهم في جنان الخلد أشغال هذا هو الحق لا تبغي به بدلا * فهو الصحيح الذي ما فيه إشكال قال رسول الله ص يموت المرء على ما عاش عليه ويحشر على ما عليه مات وقال تعالى فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد يعني عند الموت أي يعاين ما هو أمره عليه الذي ينفرد به أهل الله العابدون ربهم إذا أتاهم اليقين يقول لنبيه ص اعبد ربك حتى يأتيك اليقين يعني الموت لأنه أمر متيقن لا اختلاف في وقوعه في كل حيوان وإنما وقع الخلاف في ماهيته قال شاعرهم فخالف الناس حتى لا اتفاق لهم إلا على شجب والخلف في الشجب يعني ما هو والشجب الموت فإذا حضرتهم الوفاة رضي الله عنهم فلا بد لهم من مشاهد اثنتي عشرة صورة يشهدونها كلها أو بعضها لا بد من ذلك وهن صورة عمله وصورة علمه وصورة اعتقاده وصورة مقامه وصورة حاله وصورة رسوله وصورة الملك وصورة اسم من أسماء الأفعال وصورة اسم من أسماء الصفات وصورة اسم من أسماء النعوت وصورة اسم من أسماء التنزيه وصورة اسم من أسماء الذات وكان الأولى أن تكون هذه الصور كلها بالسين لا بالصاد فإنها منازل معان إلا أنه لما تجسدت المعاني وظهرت بالأشكال والمقادير لذلك تصورت في صور إذ كان الشهود بالبصر وحكمت الحضرة بذلك الخيالية البرزخية فالموت والنوم سواء فيما تنتقل إليه المعاني فمنهم من يتجلى له عند الموت عمله العمل فيتجلى له عمله في الزينة والحسن على قدر ما أنشأه العامل عليه من الجمال فإن أتم العمل كما شرع له ولم ينقص منه شيئا يشينه انتقاصه كان في أتم نشأة حسنة ظهرت من تمام أركان ذلك العمل الظاهرة والباطنة من الحضور وشهود الرب في قلبه وفي قبلته إذا صلى وكل عمل مشروع فهو صلاة ولهذا قال ص عن الله تعالى أنه يقول يوم القيامة أنظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كانت انتقص منها
(٢٩٥)