بغير ياء النسب يقال رجل بين العبودية والعبودة أي ذاته ظاهرة ونسبه مجهول فلا ينسب فإنه ما ثم إلى من فهو عبد لا عبد (الباب الأحد والثلاثون ومائة في مقام ترك العبودية) إن انتسبت إلى معلول أنت له * وأنت لله لا للخلق فازدجروا نحن المظاهر والمعبود ظاهرها * ومظهر الكون عين الكون فاعتبروا ما جاء بي عبثا لكن لنعبده * حقا بذا حكم التشريع والنظر ولست أعبده إلا بصورته * فهو الإله الذي في طيه البشر فما القضاء إذا حققت صورتنا * وما التصرف والأحكام والقدر فكلها عبر إن كنت ذا نظر * ولا يخيب من تسري به العبر ترك العبودية لا يصح إلا عند من يرى أن عين الممكنات باقية على أصلها من العدم وإنها مظاهر للحق الظاهر فيها فلا وجود إلا لله ولا أثر إلا لها فإنها بذاتها تكسب وجود الظاهر ما تقع به الحدود في عين كل ظاهر فهي أشبه شئ بالعدد فإنها معقول لا وجود له وحكمه سار ثابت في المعدودات والمعدودات ليست سوى صور الموجودات كانت ما كانت والموجودات سبب كثرتها أعيان الممكنات وهي أيضا سبب اختلاف صور الموجودات فالعدد حكمه مقدم على حكم كل حاكم ولما وصلت في أول هذا الباب من هذه النسخة إلى العدد والمعدودات نمت فرأيت رسول الله ص في منامي وأنا بين يديه وقد سألني سائل وهو يسمع ما أقل الجمع في العدد فكنت أقول له عند الفقهاء اثنان وعند النحويين ثلاثة فقال ص أخطأ هؤلاء وهؤلاء فقلت له يا رسول الله فكيف أقول قال لي إن العدد شفع ووتر يقول الله تعالى والشفع والوتر والكل عدد فميز ثم أخرج خمسة دراهم بيده المباركة ورمى بها على حصير كنا عليه فرمى درهمين بمعزل ورمى ثلاثة بمعزل وقال لي ينبغي لمن سئل في هذه المسألة أن يقول للسائل عن أي عدد تسأل عن العدد المسمى شفعا أو عن العدد المسمى وترا ثم وضع يده على الاثنين الدرهمين وقال هذا أقل الجمع في عدد الشفع ثم وضع يده على الثلاثة وقال هذا أقل الجمع في عدد الوتر هكذا فليجب من سئل في هذه المسألة كذا هو عندنا واستيقظت فقيدتها في هذا الباب كما رأيتها حين استيقظت وخرج عن ذكري مسائل كثيرة كانت بيني وبينه ص مما يتعلق بغير هذا الباب وأنا في غاية السرور والفرح برؤيته ص ووجدت في خاطري عند انتباهي صحة النهي عن البتيراء فإنه تكلم في طريقه فما رأيت معلما أحسن منه وأخذت في تقييدي لهذا الكتاب فنرجع ونقول فالعدد حكمه مقدم على حكم كل حاكم فحكم على الممكنات بالكثرة كثرة الممكنات واختلافات استعداداتها على الظاهر فيها مع أحديته فكثرته كثرة الممكنات ولما كان الأمر هكذا لم يمكن أن يكون للعبودية عين فلهذا المقام يقال بترك العبودية ومن حكم العدد وقوة سريانه وإن لم يكن له وجود قول الله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك يعني الاثنين وهذا يعضد رؤيانا المتقدمة ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا من المراتب التي يطلبها العدد فينسحب عليها حكم العدد وقوله ص إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد هذا من حكم العدد وقال لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ولم يكفر من قال إنه سبحانه رابع ثلاثة وذلك أنه لو كان ثالث ثلاثة أو رابع أربعة على ما توطأ عليه أهل هذا اللسان لكان من جنس الممكنات وهو سبحانه وتعالى ليس من جنس الممكنات فلا يقال فيه إنه واحد منها فهو واحد أبدا لكل كثرة وجماعة ولا يدخل معها في الجنس فهو رابع ثلاثة فهو واحد وخامس أربعة فهو واحد بالغا ما بلغت فذلك هو مسمى الله فهو وإن كان هو الوجود الظاهر بصور ما هي المظاهر عليه فما هو من جنسها فإنه واجب الوجود لذاته وهي واجبة العدم لذاتها أزلا فلها الحكم فيمن تلبس بها كما للزينة الحكم فيمن تزين بها فنسبة الممكنات للظاهر نسبة العلم والقدرة للعالم والقادر وما ثم عين موجودة تحكم على هذا الموصوف بأنه عالم وقادر فلهذا نقول إنه عالم لذاته وقادر لذاته وهكذا هي الحقائق فالعدد حاكم لذاته في المعدودات ولا وجود له والمظاهر حاكمة في صور الظاهر وكثرتها في عين الواحد ولا وجود
(٢١٥)