فكان سجودها لا علم لنا وهو الجهل سجدت الظلال لمشاهدتها من خرجت عنه وهي الأشخاص يتستر ظل الشخص عن النور بأصله الذي انبعث عنه لئلا يفنيه النور فلم يكن له بقاء إلا بوجود الأصل فلا بقاء للعالم إلا بالله السلطان ظل الله في أرضه العرش ظل الله يوم القيامة العرش عين الملك يقال ثل عرش الملك إذا اختل ملكه عليه الرحمن على العرش استوى أي على ملكه سجود القلب إذا سجد لا يرفع أبدا لأن سجوده للأسماء الإلهية لا للذات فإنها هي التي جعلته قلبا فهي تقلبه من حال إلى حال دنيا وآخرة فلهذا سمته قلبا فإذا تجلى له الحق مقلبا فيرى أنه في قبضة مقلبه وهو الأسماء الإلهية التي لا ينفك مخلوق عنها فهي المتحكمة في الخلائق فمن مشاهد لها وهو الذي سجد قلبه ومن غير مشاهد لها فلا يسجد قلبه وهو المدعي الذي يقول أنا وعلى من هذه صفته يتوجه الحساب والسؤال يوم القيامة والعقاب إن عوقب ومن سجد قلبه فلا دعوى له فلا حساب ولا سؤال ولا عقاب فلا حالة أشرف من حالة السجود لأنها حالة الوصول إلى علم الأصول فلا صفة أشرف من صفة العلم فإنه معطي السعادة في الدارين والراحة في المنزلتين أصل الأعداد الواحد فلا وجود لها إلا به وبه بقاؤها فمن لا علم له بأحدية خالقه كثرت آلهته وغاب عن معرفته بنفسه فجهل ربه فصار عبد الكل رب فهو محل لكل ذنب والسجود يقتضي الديمومية ولهذا قال الشيخ أيضا لسهل بن عبد الله إلى الأبد لأن السجود الخضوع والإسجاد إدامة النظر وكل من تطأطأ فقد سجد وقلن له اسجد لليلى فاسجدا أي طأطأ البعير لها لتركبه والتطأطؤ لا يكون إلا عن رفعة والرفعة في حق كل ما سوى الله خروج عن أصله فقيل له اسجد أي تطأطأ عن رفعتك المتوهمة واخضع من شموخك بأن تنظر إلى أصلك فتعرف حقيقتك فإنك ما تعاليت حتى غاب عنك أصلك فطلبك على أصلك طلبك الغيب عينه ومن عرف أصله عرف عينه أي نفسه ومن عرف نفسه عرف ربه ومن عرف نفسه لم يرفع رأسه ومن عرف ربه رفع رأسه فإنه مخلوق على صورة ربه ومن نعوت ربه الرفيع فلا بد أن يرفع نفسه وبعد هذه الرفعة يقال له اسجد فيسجد وجهه فيسجد قلبه فيرفع وجهه من السجود فلا يدوم فإن القبلة التي سجد لها لا تدوم والجهة التي سجد لها لا تدوم فرفع لرفع المسجود له وسجد القلب فلم يرفع لأنه سجد لربه فقبلته ربه وربه لا يزول ولا ترتفع عن الوجود ربوبيته فالقلب لا يرفع رأسه من سجوده أبدا لأن قبلته لا ترتفع فهذا معنى السجود (السؤال الثاني ومائة) ما بدؤه الجواب بدؤ السجود الذي أسجدك تنوع الحالات وتغيراتها عليك فنبهك ذلك على النظر في السبب الموجب لذلك فطلبت فعلمت أنك معلول وكل معلول فلا قيام له بنفسه فإن المريض لا يمرض نفسه وما كل ما تقام فيه من تغير الأحوال يرضيك وإذا لم يرضك فقد أمرضك فلا بد من ممرض ومن طلب الممرض فقد افتقر فعلمت أنك فقير وإذا افتقرت فهو كسر فقار ظهرك لم يتمكن لك أن ترفع رأسك فأنت موصوف بالسجود دائما فهذا بدء السجود وإن أراد بقوله ما بدؤه يعني ما بدؤه فيك أي ما هو أول شئ يعطيك السجود من منحه فنقول القربة والقربة مودنة ببعد متقدم وكل ذلك يؤدي إلى الحد ولا حد فإنه البعيد القريب فاعلم أن الهوية المسماة بالبعيد القريب هي التي أعطتك السجود وبدأك بها منحة ولكن من كونها تسمى بالبعيد القريب فنقلتك من النعت لبعيد إلى النعت القريب فنقلتك من البعد إلى القربة قال الله تعالى واسجد واقترب ولم يقل غير ذلك من الأحوال تدل على إن أول شئ يمنحك السجود هو القربة ثم بعد ذلك تعطي من مقام القربة ما يليق بالمقربين من الملائكة والنبيين فتلك عوارف التقريب والتقريب منحة السجود والسجود منحة النظر في تغير الأحوال والنظر في تغير الأحوال حكم تغير الأحوال وتغير الأحوال كونك على الصورة كل يوم هو في شأن وكونك على الصورة كونك مظهرا للأسماء الإلهية وكونك مظهرا للأسماء الإلهية أعطاك الرفعة ولاتصافك بالرفعة أمرت بالسجود فاعلم (السؤال الثالث ومائة) ما قوله العزة إزاري الجواب لما أنعم الحق على عباده حين دعاهم إلى معرفته بالتنزل بضرب الأمثال لهم ليحصلوا بذلك القدر الذي أراد منهم أن يعلموا منه مثل قوله مثل نوره كمشكاة فيها مصباح لقوله الله نور السماوات والأرض فجعل النور نفسه لأنه خبر المبتدأ أي صفته وهويته النور من حيث إنه الله النور وأين نور
(١٠٢)