التصرف في الكل وهو مقام عزيز يعلم ويعقل ولكن ما حصله أحد من خلق الله فهو مخصوص بالحق ولا يظهر به الحق إلا إذا أخذ أهل النار منازلهم وأهل الجنة منازلهم رضي الكل بما هم فيه بإرضاء الحق فلا يشتهي واحد منهم يخرج عن منزلته وهو بها مسرور وهو سر عجيب ما رأينا أحدا نبه عليه من خلق الله وإن كانوا قد علموه بلا شك وما صانوه والله أعلم إلا صيانة لأنفسهم ورحمة بالخلق لأن الإنكار يسرع إليه من السامعين ووالله ما نبهت عليه هنا إلا لغلبة الرحمة علي في هذا الوقت فمن فهم سعد ومن لم يفهم لم يشق بعدم فهمه وإن كان محروما والسلام (الباب الخمسون ومائة في معرفة مقام الغيرة التي هي الستر وأسراره) ما أعجب الغيرة في العالم * ووصفنا الله بها أعجب وقولنا الله غيور على * ما قرر الشرع وما نذهب وقد قبلناه ولكنه * من أصعب الأمر الذي ينسب وإنه من حيث أفكارنا * فرض محال عينه ينصب والكشف مثل الشرع في قوله * وشأن رب الكشف لا يحجب والأمر حق وهو أعجوبة * من أجلها عقولهم تهرب قد جعل الشبلي في حكمه * أن لها حكما وذا أصعب وهو من أهل الكشف في علمنا * ضرب مثال عندنا يضرب وعند أهل الفكر في زعمهم * على الذي يعطيهم المذهب بأنها من عالم زلة * وهي إلى حكم العمى أقرب اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الغيرة نعت إلهي ورد في الخبر أن رسول الله ص قال في سعد إن سعدا لغيور وأنا أغير من سعد والله أغير مني ومن غيرته حرم الفواحش وفي هذا الحديث مسألة عظيمة بين الأشاعرة والمعتزلة وهو حديث صحيح فالغيرة أثبتها الايمان ولكن بأداة مخصوصة وهي اللام الأجلية أو من أو الباء وتستحيل بأداة على وهي التي وقعت من الشبلي إما غلطة وإما قبل أن يعرف الله معرفة العارفين فالغيرة في طريق الله هي الغيرة لله أو بالله أو من أجل الله والغيرة على الله محال فتحقيق كونها نعتا إلهيا وهو نعت يطلب الغير ولذا سميت غيرة فلو لا ملاحظة الغير ما سميت غيرة ولا وجدت فالإله القادر يطلب المألوه المقدور وهو الغير فلا بد من وجود ما يطلب إلا له وجوده فأوجد العالم على أكمل ما يكون الوجود فإنه لا بد أن يكون كذلك لاستحالة إضافة النقص إلى الكامل الاقتدار فلذلك قال أعطى كل شئ خلقه وهو الكمال فلو لم يوجد النقص في العالم لما كمل العالم فمن كمال العالم وجود النقص الإضافي فيه فلذلك قلنا إنه وجد على أكمل صورة بحيث إنه لم يبق في الإمكان أكمل منه لأنه على الصورة الإلهية ورد في الخبر أن الله خلق آدم على صورته فكان في قوة الإنسان من أجل الصورة أن ينسى عبوديته ولذلك وصف الإنسان بالنسيان فقال في آدم فنسي والنسيان نعت إلهي فما نسي إلا من كونه على الصورة فما زلنا مما كنا فيه قال تعالى نسوا الله فنسيهم كما يليق بجلاله فلما علم الحق أن هذا العبد بما كمله الله به من القوة الإلهية بالصورة الكمالية لا بد أن يدعي في نعوت ما هو حق لله لطلب الصورة الكمالية لذلك النعت وهو من بعض النعوت الإلهية فغار الحق من المشاركة في بعض نعوت الجلال وشغل الإنسان بما أباح له من باقي النعوت الإلهية فلما علم أيضا أنه لا يقف عند ذلك وأنه لا بد أن يعطي الصورة الكمالية حقها في الاتصاف بالنعوت الإلهية وإنها تتعدى ما حجر عليها مثل العظمة والكبرياء والجبروت فقال الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحدا منهما قصمته وقال كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار فهذا هو عين الغيرة غار على هذه النعوت أن تكون لغير الله فحجرها وكذلك تحجرت على الحقيقة بقوله كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار فلا يدخل مع هذا الطابع قلب كون من الأكوان تكبر على الله ولا جبروت لأجل هذا الطبع فعلم كل من أظهر من المخلوقين دعوى الألوهية كفرعون وغيره وتكبر وتجبر كل ذلك في ظاهر
(٢٤٤)