وسلم وبين ذلك النبي والحظوظ محصورة من حيث الأعمال في تسعة وسبعين وقد يكون للنبي من ذلك أمر واحد ولآخر أمران ولآخر عشر العدد وتسعه وثمنه وأقل من ذلك وأكثر والمجموع لا يكون إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يبعث بعثا عاما سوى محمد صلى الله عليه وسلم وما سواه فبعثه خاص لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة (السؤال السادس والسبعون) ما لواء الحمد الجواب لواء الحمد هو حمد الحمد وهو أتم المحامد وأسناها وأعلاها مرتبة لما كان اللواء يجتمع إليه الناس لأنه علامة على مرتبة الملك ووجود الملك كذلك حمد المحامد تجتمع إليه المحامد كلها فإنه الحمد الصحيح الذي لا يدخله احتمال ولا يدخل فيه شك ولا ريب إنه حمد لأنه لذاته يدل فهو لواء في نفسه ألا ترى لو قلت في شخص إنه كريم أو يقول عن نفسه ذلك الشخص إنه كريم يمكن أن يصدق هذا الثناء ويمكن أن لا يصدق فإذا وجد العطاء من ذلك الشخص بطريق الامتنان والإحسان شهد العطاء بذاته بكرم المعطي فلا يدخل في ذلك احتمال فهذا معنى حمد الحمد فهو المعبر عنه بلواء الحمد وسمي لواء لأنه يلتوي على جميع المحامد فلا يخرج عنه حمد لأن به يقع الحمد من كل حامد وهو عاقبة العاقبة فافهم ولما كان يجمع ألوان المحامد كلها لهذا عم ظله جميع الحامدين قال صلى الله عليه وسلم آدم فمن دونه تحت لوائي وإنما قال فمن دونه لأن الحمد لا يكون إلا بالأسماء وآدم عالم بجميع الأسماء كلها فلم يبق إلا أن يكون من هناك تحته ودونه في الرتبة لأنه لا بد أن يكون مثنيا باسم ما من تلك الأسماء ولما كانت الدولة في الآخرة لمحمد صلى الله عليه وسلم المؤتي جوامع الكلم وهو الأصل فإنه صلى الله عليه وسلم أعلم بمقامه فعلمه وآدم بين الماء والطين لم يكن بعد فكان آدم لما علمه الله الأسماء في المقام الثاني من مقام محمد صلى الله عليه وسلم فكان قد تقدم لمحمد صلى الله عليه وسلم علمه بجوامع الكلم والأسماء كلها من الكلم ولم تكن في الظاهر لمحمد صلى الله عليه وسلم عين فتظهر بالأسماء لأنه صاحبها فظهر ذلك في أول موجود من البشر وهو آدم فكان هو صاحب اللواء في الملائكة بحكم النيابة عن محمد صلى الله عليه وسلم لأنه تقدم عليه بوجود الطينة فمتى ظهر محمد صلى الله عليه وسلم كان أحق بولايته ولوائه فيأخذ اللواء من آدم يوم القيامة بحكم الأصالة فيكون آدم فمن دونه تخت لوائه وقد كانت الملائكة تحت ذلك اللواء في زمان آدم فهم في الآخرة تحته فتظهر في هذه المرتبة خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجميع (السؤال السابع والسبعون) بأي شئ يثنى على ربه حتى يستوجب لواء الحمد الجواب بالقرآن وهو الجامع للمحامد كلها ولهذا سمي قرآنا أي جامعا وهو قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين وما أنزلت على أحد قبله ولا ينبغي أن تنزل الأعلى من له هذا المقام فإنه سبحانه لا ينبغي أن يحمد إلا بما يشرع أن يحمد به من حيث ما شرعه لا من حيث ما تطلبه الصفة الحمدية من الكمال فذلك هو الثناء الإلهي ولو حمد بما تعطيه الصفة لكان حمدا عرفيا عقليا ولا ينبغي مثل هذا الحمد لجلاله (السؤال الثامن والسبعون) ما ذا يقدم إلى ربه من العبودية الجواب العبودة وهو انتساب العبد إليه ثم بعد ذلك تكون العبودية وهو انتسابه إلى المظهر الإلهي فبالعبودة يمتثل الأمر دون مخالفة وهو إذا يقول له كن فيكون من غير تردد فإنه ما ثم إلا العين الثابتة القابلة بذاتها للتكوين فإذا حصلت مظهرا وقيل لها افعل أو لا تفعل فإن خالفت فمن كونها مظهرا وإن امتثلت ولم تتوقف فمن حيث عينها إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون فبهذه العبودية يتقدم إلى الله في ذلك اليوم ألا تراه يسجد من غير أن يؤمر بالسجود لكن السجود في ذلك اليوم هو المأمور بالتكوين ولم يكن له محل الأعين محمد صلى الله عليه وسلم فتكون السجود في ذاته لأمر الحق له بتكوينه فسجد به محمد صلى الله عليه وسلم من غير أمر إلهي ورد عليه بالسجود فيقال له ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع ثم بعد ذلك في موطن آخر يؤمر الخلق بالسجود ليتميز المخلص من غير المخلص فذلك سجود العبودية فالعارفون بالله في هذه الدار يعبدون ربهم من حيث العبودة فما لهم نسبة إلا إليه سبحانه ومن سواهم فإنهم ينسبون إلى العبودية فيقال قد قاموا بين يديه في مقام العبودية فهذا الذي يقدمه من العبودية إلى ربه وكل محقق بهذه المثابة يوم القيامة
(٨٨)