الضمير يعود على الله من نفسه من حيث ما هي نفسه عينا لا من حيث ما هي نفسه خلقا فيكون عين ذكر العبد هو عين ذكر الحق كما قلنا في قوله ومكروا ومكر الله وهو عين مكرهم عين مكر الله بهم لا أنه استأنف مكرا آخر ويؤيده أيضا بقوله ذكرته في نفسي يريد نفس العبد مضافة إلى الله من حيث ما هي ملك له خلقا وإيجادا ويريد أيضا ذكرته في نفسي نفس الحق لا من حيث الوجه الذي ذكره به العبد من حيث نفسه نفس الحق وهو الوجه الأول فهذه أحوال ذكر النفس بالجزاء الوفاق في كل وجه والحالة الثانية أن يذكره في ملأ فيذكره الله في ملأ خير من ذلك الملأ وقد يكون عين ذلك الملأ وتكون الخيرية بالحال فحال ذلك الملأ في ذكر هذا العبد لله دون حال ذلك الملأ في ذكر الله فيهم لهذا العبد فهو في هذه الحال خير منه في حال ذكر العبد والملأ واحد كما تتشرف الجماعة بالملك إذا كان فيها على شرفها إذا لم يكن الملك فيها وعين الجماعة واحدة فهي خير منها ولكن بشرط أن يكون كل واحد من ذلك الملأ حاله الكشف إن الله قد ذكر هذا العبد فيهم وهم يسمعون ذكر الله إياه كما سمعوا ذكر هذا العبد ربه فحينئذ يكون الشرف في الملأ الواحد يتفاضل والوجه الآخر أن يكون الملأ مغايرا لذلك الملأ فيكون خيره على هذا الملأ إما بكون الحق أسمعهم ذكره عبده وهو فيهم أو يكون خيره لأمر آخر تقتضيه مرتبته عند الله إما نشأة أو حالا أو علما وهذه أمور إن تأملتها انفتح لك منها علوم جمة من العلم الإلهي والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (السؤال الثلاثون ومائة) ما معنى الاسم الجواب أمر يحدث عن الأثر أو أمر يكون عنه الأثر أو منه ما يكون عنه الأثر ومنه ما يحدث عن الأثر إذا لم ترد به المسمى فإن أردت به المسمى فمعناه المسمى كان ما كان مركبا تركيبا معنويا أو حسيا أو غير مركب معنويا أو حسيا كلفظة رحيم أي ذات راحمة فالمسمى بهذه التسمية هي عين تلك النسبة الجامعة بين ذات ورحمة حتى جعل عليها من هذه النسبة اسم فاعل وإن كانت التسمية جامدة لا يعقل منها غير الذات فليست بمركبة تركيبا معنويا فقد تكون هذه الذات مفردة معنى وفي نفسها وقد تكون مركبة حسا مثل إنسان تحته مركب حسي ومعنوي والاسم والرسم عند بعض أصحابنا نعتان يجريان في الأبد على حكم ما كان عليه أزلا وفرق بين الاسم والرسم وسيأتي ذكرهما في شرح معاني ألفاظ أهل الله من هذا الباب فإنه يطلبها (السؤال الحادي والثلاثون ومائة) ما رأس أسمائه الذي استوجب منه جميع الأسماء الجواب الاسم الأعظم الذي لا مدلول له سوى عين الجمع وفيه الحي القيوم ولا بد فإن قلت فهو الاسم الله قلت لا أدري فإنه يفعل بالخاصية وهذه اللفظة إنما تفعل بالصدق إذا كان صفة للمتلفظ بها بخلاف ذلك الاسم ولكن الظاهر من مذهب الترمذي أن رأس الأسماء الذي استوجب منه جميع الأسماء إنما هو الإنسان الكبير وهو الكامل وإذا كان هذا فهو الأولى في طريق القوم أن يشرح به رأس الأسماء فإن آدم علمه الله جميع الأسماء كلها من ذاته ذوقا فتجلى له تجليا كليا فما بقي اسم في الحضرة الإلهية الأظهر له فيه فعلم من ذاته جميع أسماء خالقه (السؤال الثاني والثلاثون ومائة) ما الاسم الذي أبهم على الخلق الأعلى خاصته الجواب هذا الاسم الذي استوجب منه جميع الأسماء وإن شئت قلت هو اسم مركب من عشرين وثلاثين بينهما أحد وأربعون حسا ومعنى وقد يتركب حسا لا معنى من ثمانية وثمانين ومائتين وستة عددا فإذا جمعتها على وجه مخصوص من غير إسقاط الستة كان اسما مركبا وإن أسقطت الستة كان اسما غير مركب ولا ينبغي أن يوضح في العامة ما أبهمه الحق على خلقه وخص به خاصته فإن هذا من غاية سوء الأدب وما أظن الترمذي قصد بهذا السؤال طلب الشرح والإيضاح لمعناه وإنما قصد اختبار المسؤول أنه إن كان من أهل الله لا يوضحه فإن أوضحه فيكون قد تلقاه من أحد غلطا ممن تلقاه منه لقرينة حال وذكاء فيه وأما أهل الله فعندهم من الأدب الإلهي ما يمنعهم أن يستروا ما كشف الله أو يكشفوا ما ستره الله (السؤال الثالث والثلاثون ومائة) بما نال صاحب سليمان عليه السلام ذلك وطوى عن سليمان عليه السلام الجواب بجمعيته وتلمذته ليعرف الشيخ بما حصل عنده وبسببه وطوى عن سليمان بوجوده في محل التبديد في الوقت فإن الحكم للوقت ووقته أنه رسول فهو صاحب وجود مصروف العين إلى من أرسل إليه وصاحبه في جمعيته
(١٢٠)