بعينه قيدها فلما أشهدها الحق حضرة عزه ونفوذ اقتداره ومع نفوذ اقتداره لم يعطه الإمكان من نفسه إلا قدر ما يحصل منه في الوجود انكسرت النفس وصار ما كانت تصول به أورثها ما أشهدها ذلة وانكسارا فإنها تقبل الذلة لجهلها فارتاضت والحق لعلمه على عزه فرياضة العلم أنفع الرياضات فما أزالها العلم عن الصورة ولكن أولا جهلت ما هي الصورة عليه وما هي الحقائق عليه فما أشرف العلم لو لم يكن من شرف العلم إلا تجلى الحق في صورة تنكر ثم تحوله في صورة تعرف وهو هو في الأولى والثانية وإن موطن تلك المشاهدة لا يتمكن في نفس الأمر إلا أن تكون مقيدة لأن الذي يشهد وهو عين العبد مقيد بإمكانه فلا يتمكن له شهود الإطلاق ولا بد من الشهود فظهر له المشهود مقيدا بالصورة ومقيدا بالتحول في الصور ولأنه مقيد بالوجوب الذاتي فالكل في عين التقييد إن عقلت عنا وإنما تقيد بالتحول ليفتح له في نفسه العلم بأن الأمر لا يتناهى وما لا يتناهى لا يدخل تحت التقييد فإنه من قبل التحول إلى صورة من صورة قبل التحول إلى صور لا نهاية لها أو إلى صور لا يمكن لذلك المتحول أن يتجاوزها إلى غيرها فخرج عن حد التقييد بالتقييد ليعلم أن مشهوده مطلق الوجود فيكون شهوده أيضا مطلقا إطلاق مشهوده فأفاده التحول من صورة إلى صورة علما لم يكن عنده فعلم عند ذلك أن الله هو الحق المبين فأعلى رياضة العبد العالم أن لا ينكره في صورة ولا يقيده بتنزيه بل له التنزيه على الإطلاق عن تنزيه التقييد (بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب الرابع ومائتان في التحلي بالحاء المهملة) لولا التحلي لما كنا بحضرته * مستخلفين على نور بأنبائه إن التخلق بالأسماء حلية من * صافي المسمى فصافاه بأسمائه كمثل طيفور إذ صحت خلافته * والأمر جاء بها في عين إنبائه نفاه مملوكه سبعا لمصلحة * عادت عليه وهذا من أشيائه فإنه سأل الرحمن ما وقعت * به الأمور على ترتيب نعمائه فالله يرزقني صدقا ويفتح لي * بابا ويمنحني شكر آلائه اعلم أن التحلي بالحاء المهملة في اصطلاح الطائفة التشبه بأحوال الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وهذا في الطريق عندنا مدخول ومن أسماء الله الصادق وأن الصادقين من أحوالهم التحلي بالحاء المهملة فلا بد من معرفة ما يتحلى به فهل تحلوا بما هو لغيرهم فتزينوا بما ليس لهم فهم لابسو أثواب زور أو تحلوا بما هو لهم فهم صادقون والتحلي عندنا هو التزين بالأسماء الإلهية على الحد المشروع بحيث أن يعسر التمييز وهم الذين إذا رؤوا ذكر الله كعرش بلقيس لما قامت لها شبهة بعد المسافة فقالت كأنه هو ولو شاهدت الاقتدار الإلهي لعلمت أنه هو كما كان هو من غير زيادة وإذا حصل الإنسان في هذا المقام بهذا التحلي ولم يحجبه هذا التحلي في حال تزينه به وأنه له حقيقة ما استعاره بل ذلك ملكه وما له ولا منعه عن شهود عبوديته لربه وإن نسبة ما ظهر به مما هو نعت لخالقه ما كان تشبها وإنما كان تزينا فذلك التحلي ويقول الحكماء في هذه الحالة إنه التشبه بالإله جهد الطاقة وهذا القول إذا حققته جهل من قائله لأن التشبه في نفس الأمر لا يصح فمن قامت به صفة فهي له وهو مستعد لقيامها به فباستعداد ذاته اقتضاها فما تشبه أحد بأحد بل الصفة في كل واحد كما هي في الآخر وإنما حجب الناس التقدم والتأخر وكون الصورة واحدة فلما رأوها في المتقدم ثم رأوها في المتأخر قالوا إن المتأخر تشبه بالمتقدم في هذه الصورة وما علموا أن حقيقتها في المتأخر حقيقتها في المتقدم ولو كان الأمر كما قالوه لزاحمت العبودية الربوبية ولبطلت الحقائق فما تحلى العبد إلا بما هو له ولا ظهر الحق إلا بما هو له لا من صفات التنزيه ولا من صفات التشبيه كل ذلك له ولو لم يكن الأمر كذلك لكان ما وصف نفسه به من ذلك كذبا وتعالى الله بل هو كما وصف نفسه من العزة والكبرياء والجبروت والعظمة ونفي المماثلة كما وصف نفسه بالنسيان والمكر والخداع والكيد
(٤٨٣)