بيدك إلا أنه لا يتحصل لأحد من خلقه وكل من استند إلى الله عظم في القلوب وعند العارفين بالله وعند العامة كما أنه من كان في السراب عظم شخصه في رأى العين ويسمى ذلك الشخص آلا وهو في نفسه على خلاف ما تراه العيون من التضاؤل تحت جلال الله وعظمته كذلك محمد يتضاءل تضاؤل السراب في جنب الله لوجود الله عنده فهذا إذا فهمت ما قلناه معنى آل محمد (السؤال الثاني والخمسون ومائة) أين خزائن الحجة من خزائن الكلام من خزائن علم التدبير الجواب في قوله فلله الحجة البالغة بكل وجه فأوله تدبير وهي الخزائن العامة وهو قوله يدبر الأمر وفي هذه الخزائن خزائن الكلام لأن خزائن علم التدبير تحوي على خزائن شتى منها خزائن الكلام وهي في قوله يفصل الآيات بالكلام وفي خزائن الكلام خزائن الحجة في مقابلة المعارض وهو الذي لا يعرف الله معرفة ذوق وهم أصحاب الأدلة العقلية فإنهم لا يقبلون ما جاءت به الشرائع من صفات الحق التي لو قالها غير النبي جهله العقلاء بأدلتهم وكفره المؤمنون وهو ما قال إلا ما قيل له فمتى ما لم يكن العلم ذوقا لم يخلص خاطر سامعه من الإنكار بقلبه من حيث عقله ثم خزائن الحجة خصوص في خزائن الكلام وهو القول المعجز وهو قول الحق والصدق وكذا رأيته في الواقعة مثل القرآن فهو الحجة من الكلام قل فأتوا بسورة من مثله ولئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا لأنه أتى من خزائن الحجة وسائر الكتب والصحف من خزائن الكلام وسائر المخلوقات من خزائن علم التدبير (السؤال الثالث والخمسون ومائة) أين خزائن علم الله من خزائن علم البدء الجواب في المساوقة الوجودية لأن الله لم يزل عالما بأنه الإله وأن الممكن مألوه وأن العدم للممكن نعت أزلي وأنه لم يزل مظهرا للحق فخزانة علم الله من علم البدء هو معرفة مرتبة الاسم الله من الاسم المبدئ كما يقال أين خزانة علم البدئ من علم المعيد فإن الظرفية لا تخلوا إما أن تكون مكانية أو زمانية ولا مكان ولا زمان فإنهما هما اللذان يعطيان المقدار وأين كذا من كذا يطلب المقدار فغاية أن يقال في المرتبة الأولى التي لا تقبل الثاني وهي مرتبة الواجب الوجود الذاتي كما نقول في الممكن إنه في مرتبة الوجوب الإمكاني الذاتي والعلم بهذا هو علم سر السر وهو الأخفى وهو العلم الذي انفرد به الحق دون ما سواه ولا يعلم هذا إلا بالتحلي بالحاء المهملة فإن قلت وما التحلي قلنا الاتصاف بالأخلاق الإلهية المعبر عنها في الطريق بالتخلق بالأسماء وعندنا التحلي ظهور أوصاف العبودة دائما مع وجود التخلق بالأسماء فإن غاب عن هذا التحلي كان التخلق بالأسماء عليه وبالا قال تعالى كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار وتحلى العبد بأوصاف العبودة هو من تخلقه بالأخلاق الإلهية ولكن أكثر الناس لا يعقلون فلو عرفوا معنى ما ورد في القرآن والسنة من وصف الحق سبحانه نفسه بما لا يقبله العقل إلا بالتأويل إلا نزه ما نفروا من ذلك إذا سمعوه من أمثالنا فإن العبودة أعني معقولها إن كان أمرا وجوديا فهو عينه فإن الوجود له وإنما الحق لما كانت أعيان الممكنات مظاهره عظم على العقول أن تنسب إلى الله ما نسبه لنفسه فلما ظهر المقام الذي وراء طور العقل بالنبوة وعملت الطائفة عليه بالإيمان أعطاهم الكشف ما أحاله العقل من حيث فكره وهو في نفس الأمر ليس على ما حكم به وهذا من خصائص التصوف فإن قلت وما التصوف قلنا الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا وباطنا وهي مكارم الأخلاق وهو أن تعامل كل شئ بما يليق به مما يحمده منك ولا تقدر على هذا حتى تكون من أهل اليقظة فإن قلت وما اليقظة حتى أكون من أهلها قلنا اليقظة الفهم عن الله في زجره فإذا فهمت عن الله انتبهت فإن قلت فما الانتباه قلنا هو زجر الحق عبده على طريق العناية وهذا لا يحصل إلا لأهل العبودة فإن قلت وما العبودة قلنا نسبة العبد إلى الله لا إلى نفسه فإن انتسب إلى نفسه فتلك العبودية لا العبودة فالعبودة أتم حتى لا يحكم عليه مقام السواء فإن قلت وما السواء قلنا بطون الحق في الخلق وبطون الخلق في الحق وهذا لا يكون إلا فيمن عرف أنه مظهر للحق فيكون عند ذلك باطنا للحق وبهذا وردت الفهوانية فإن قلت وما الفهوانية قلنا خطاب الحق كافحة في عالم المثال وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ومن هناك تعلم الهو فإن قلت وما الهو قلنا الغيب الذاتي الذي لا يصح شهوده فليس هو ظاهرا ولا مظهرا وهو المطلوب الذي
(١٢٨)