حقائق فلو صح في وجه كما يزعم هذا المدعي لصح في جميع الوجوه وله الدعوى وصاحبه مسؤول وله الكشف ودرجاته عند العارفين أربعمائة وسبع وثمانون ودرجات الملاميين فيه أربعمائة وست وخمسون وله نسب إلى العالم كله من ملك وملكوت وجبروت (الباب التاسع عشر ومائة في ترك التوكل) أنت الخليفة فيما أنت مالكه * والحق ليس به نفع ولا ضرر ترك التوكل حال ليس يعلمه * غير الوكيل فلا روح ولا بشر كيف التوكل والأعيان ليس سوى * عين الموكل لا عين ولا أثر التوكل مشروع فينال الحد المشروع منه والتوكل الحقيقي غير واقع من الكون في حال وجوده فما هو إلا للمعدوم في حال عدمه وما ثم مقام يتصف به المعدوم ولا يصح في الموجود من جهة الحقيقة إلا التوكل فلا يزال المعدوم موصوفا بالتوكل حتى يوجد فإذا وجد خرج عنه التوكل فذلك المعبر عنه بترك التوكل ثم أقول لا يصح ترك التوكل المعروف عند العامة من أهل الله إلا لرجلين الواحد علم أنه لا يصح فترك الشروع فيه لأنه عنده لا يمكن تحصيله لما رأى نفسه إذا أخذه ألم الجوع وعنده ما يدفعه به تناوله ليزيل ألم الجوع فلا فرق بينه وبين من يسترقي ويتطبب ويلجأ إلى محل الأمن من الأمور المخوفة مع الصحو وتوفر العقل والعلم التام فالتوكل من حيث ما هو مقام هو حاصل ومن حيث حاله ليس بحاصل فالتوكل يصح لا يصح وأما الرجل الآخر قال إن الله أعلم بمصالح الخلق وقد أعطى كل شئ خلقه ففيم التوكل مع هذا الفراغ فترك التوكل فإنه ما بقي له ما يعتمد على الله فيه لأنه قال فرع ربك ومع هذا فهو واقف مع الأمر والنهي عامل بما أمر به أو نهى عنه من الأعمال قائم بالحكم المشروع عليه فمن أسرار التوكل ترك التوكل فإن ترك التوكل يبقي الأغيار والتوكل ينفي الأغيار وعند أكثر القوم أن الأعلى ما ينفي لا ما يبقى وعندنا وعند شيخنا أبي السعود بن الشبلي وأبي عبد الله الهواري بتنس من بلاد المغرب وأبي عبد الله الغزال بالمرية ببلاد الأندلس وأبي عمران موسى بن عمران الميرتلي بإشبيلية وغيرهم إن الأعلى ما يفنى ما ينبغي ويبقى ما ينبغي في الحال التي تنبغي والوقت الذي ينبغي وبه كان يقول عبد القادر الجيلي ببغداد فإن الله تعالى أفنى وأبقى يقول تعالى ما عندكم ينفد فلا تعتمد عليه وما عند الله باق فتعتمد على الله في بقائه فأفنى وأبقى والإفناء حال أبي مدين في وقت إمامته ولا أدري هل انتقل عنه بعد ذلك أم لا لأنه انتقل عن الإمامة قبل أن يموت بساعة أو ساعتين الشك مني لبعد الوقت وصاحب ترك التوكل ما له دعوى وهو غير مسؤول لأنه أمر عدمي فجرى مجرى الأصل في قوله تعالى هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا يريد عدمه في عينه لأنه كان مذكورا لله تعالى والدهر اسم من أسماء الله ولهذا الاشتراك اللفظي نهي عن سب الدهر وقال إن الله هو الدهر وما ثم عين تسب لعينها وإنما تسب لما يصدر منها وما يصدر كون إلا من الله والدهر الزماني نسبة وقوله لم يكن شيئا مذكورا يعني الإنسان في ذلك الحين أي موجودا في عينه مع وجود الأعيان ولكن ما تعرفه حتى تذكره ولا هي ذات فكر حتى تجمعه في ذهنها تقديرا فتذكره فإن الفكر من القوي التي اختص بها الإنسان لا توجد في غيره ثم إن هذه الآية من أصعب ما نزل في القرآن في حق نقصان الإنسان وفيما يظهر من عدم الاعتناء الإلهي به وعندنا ما أخر الله نشأته ووجود عينه إلا اعتناء الله به لأنه لو أوجده الله أول الأشياء كان يمر عليه وقت لا يكون فيه خليفة فإنه ما ثم من قد هياه لمرتبة الخلافة والنيابة عنه فلا بد أن يتأخر وجود عينه عن وجود الأعيان حتى لا يزول عنه اسم الخلافة دنيا ولا آخرة فما وجد إلا ملكيا سيدا كما أنه مع غيره لله عبد مملوك ففضل العالم كله بالخلافة فلم تكن لغير الإنسان وهذه المرتبة أوجبت له أن يخلق على الصورة ومن قال إن هذه الآية تدل على عدم الاعتناء الإلهي بالإنسان لأن الله متكلم أزلا عالم بما يكون أزلا ونفى أن يكون الإنسان شيئا مذكورا مع أنه شئ ولا بد لقوله إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون فما يؤمر إلا من يسمع بسمع ثبوتي أو وجودي ونفى أن يكون الإنسان مذكورا في حين من الدهر والدهر هنا الزمان والحين جزء منه لم يكن فيه الإنسان مذكورا مع وجوده صورة إنسان وجهل من
(٢٠١)