(الباب السابع والستون ومائتان في معرفة النفس بسكون الفاء) وهو عندهم ما كان معلولا من أوصاف العبد وهو المصطلح عليه في الغالب) النفس من عالم البرازخ * فكل سر منها يبين مقامها في العلوم شامخ * وكل صعب بها يهون وروحها في العماء راسخ * يمده روحه الأمين منسوخها بالنكاح ناسخ * وسره في الورى دفين سامي العلى مجدها وباذخ * سبحانه ما يشأ يكون اعلم أنه لما كان الغالب في اصطلاح القوم بالنفس أنه المعلول من أوصاف العبد اقتصرنا على الكلام فيه خاصة في هذا الباب فإنهم قد يطلقون النفس على اللطيفة الإنسانية وسنومئ في هذا الباب إن شاء الله إلى النفس ولكن بما هي علة لهذا المعلول فاعلم إن لفظة النفس في اصطلاح القوم على الوجهين من عالم البرازخ حتى النفس الكلية لأن البرزخ لا يكون برزخا إلا حتى يكون ذا وجهين لمن هو برزخ بينهما ولا موجود إلا الله وقد جعل ظهور الأشياء عند الأسباب فلا يتمكن وجود المسبب إلا بالسبب فلكل موجود عند سبب وجه إلى سببه ووجه إلى الله فهو برزخ بين السبب وبين الله فأول البرازخ في الأعيان وجود النفس الكلية فإنها وجدت عن العقل والموجد الله فلها وجه إلى سببها ولها وجه إلى الله فهي أول برزخ ظهر فإذا علمت هذا فالنفس التي هي لطيفة العبد المدبرة هذا الجسم لم يظهر لها عين إلا عند تسوية هذا الجسد وتعديله فحينئذ نفخ فيه الحق من روحه فظهرت النفس بين النفخ الإلهي والجسد المسوي ولهذا كان المزاج يؤثر فيها وتفاضلت النفوس فإنه من حيث النفخ الإلهي لا تفاضل وإنما التفاضل في القوابل فلها وجه إلى الطبيعة ووجه إلى الروح الإلهي فجعلناها من عالم البرازخ وكذلك المعلول من أوصاف العبد من عالم البرازخ فإنه من جهة النفس مذموم عند القوم وأكثر العلماء ومن كونه مضافا إلى الله من حيث هو فعله محمود فكان من عالم البرازخ بين الحمد والذم لا من حيث السبب بل الذم فيه من حيث السبب لا عينه فكل وصف يكون لنفس العبد لا يكون الحق للنفس في ذلك الوصف مشهودا عند وجود عينه فهو معلول فلذلك قيل فيه إنه نفس أي ما شهد فيه سوى نفسه وما رآه من الحق كما يراه بعضهم فيكون الحق مشهودا له فيه وكذلك إذا ظهر عليه هذا الوصف لعلة كونية لا تعلق لها بالله في شهودها ولا خطر عندها نسبة ذلك إلى الله فهو معلول لتلك العلة الكونية التي حركت هذا العبد لقيام هذا الوصف به كمن يقوم مريد العرض من أعراض الدنيا لا يحركه قولا أو فعلا إلا ذلك الغرض وحبه لا يخطر له جانب الحق في ذلك بخاطر فيقال هذه حركة معلولة أي ليس لله فيها مدخل في شهودك كما قال تريدون عرض الدنيا يعني فداء أسارى بدر فأرسل الخطاب عاما في أعراض الدنيا والله يريد الآخرة فالعرض القريب هو السبب الظاهر الأول الذي لا تعرف العامة مشهودا سواه والأمر الأخروي غيب عنها وعن أصحاب الغفلة لأنه مشهود بعين الايمان وقد يغيب الإنسان في وقت عن معرفة كونه مؤمنا لشغله بشهود أمر آخر لغفلته ولو مات على تلك الحالة لمات مؤمنا بلا شك مع غفلته فإن الغافل من إذا استحضر حضر والجاهل ليس كذلك لا يحضر إذا استحضر فاعلم ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والستون ومائتان في معرفة الروح) وهو الملقي إلى القلب علم الغيب على وجه مخصوص) الروح روحان روح الياء والأمر * والحكم يثبت بين النهي والأمر وما سواه فإخبار منبئة * أن الكوائن بين السر والجهر وعالم البرزخ الأعلى يخلصه * عناية حاله من قبضة الأسر قال تعالى وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا وقال يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده وقال نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين فذكر الإنذار وهكذا في قوله يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر وكذلك ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن انذروا فما جاء إلا بالإعلام وفيه ضرب
(٥٦٨)