النسب ألا ترى قوله وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا وقوله إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون فنفى الشيئية عنه وأثبتها له والعين هي العين لا غيرها (السؤال الثالث والعشرون) ما معنى قوله عليه السلام كان الله ولا شئ معه الجواب لا تصحبه الشيئية ولا تنطلق عليه وكذلك هو ولا شئ معه فإنه وصف ذاتي له سلب الشيئية عنه وسلب معية الشيئية لكنه مع الأشياء وليست الأشياء معه لأن المعية تابعة للعلم فهو يعلمنا فهو معنا ونحن لا نعلمه فلسنا معه فاعلم إن لفظة كان تعطي التقييد الزماني وليس المراد هنا به ذلك التقييد وإنما المراد به الكون الذي هو الوجود فتحقيق كان إنه حرف وجودي لا فعل يطلب الزمان ولهذا لم يرد ما يقوله علماء الرسوم من المتكلمين وهو قولهم وهو الآن على ما عليه كان فهذه زيادة مدرجة في الحديث ممن لا علم له بعلم كان ولا سيما في هذا الموضع ومنه كان الله عفوا غفورا وغير ذلك مما اقترنت به لفظة كان ولهذا سماها بعض النحاة هي وأخواتها حروفا تعمل عمل الأفعال وهي عند سيبويه حرف وجودي وهذا هو الذي تعقله العرب وإن تصرفت تصرف الأفعال فليس من أشبه شيئا من وجه ما يشبهه من جميع الوجوه بخلاف الزيادة بقولهم وهو الآن فإن الآن ندل على الزمان وأصل وضعه لفظة تدل على الزمان الفاصل بين الزمانين الماضي والمستقبل ولهذا قالوا في الآن إنه حد الزمانين فلما كان مدلولها الزمان الوجودي لم يطلقه الشارع في وجود الحق وأطلق كان لأنه حرف وجودي وتخيل فيه الزمان لوجود التصرف من كان ويكون فهو كائن ومكون كقتل يقتل فهو قاتل ومقتول وكذلك كن بمنزلة اخرج فلما رأوا في الكون هذا التصرف الذي يلحق الأفعال الزمانية تخيلوا أن حكمها حكم الزمان فأدرجوا الآن تتمة للخبر وليس منه فالمحقق لا يقول قط وهو الآن على ما عليه كان فإنه لم يرد ويقول على الله ما لم يطلقه على نفسه لما فيه من الإخلال بالمعنى الذي يطلبه حقيقة وجود الحق خالق الزمان فمعنى ذلك الله موجود ولا شئ معه أي ما ثم من وجوده واجب لذاته غير الحق والممكن واجب الوجود به لأنه مظهره وهو ظاهر به والعين الممكنة مستورة بهذا الظاهر فيها فاتصف هذا الظهور والظاهر بالإمكان حكم عليه به عين الظهر الذي هو الممكن فاندرج الممكن في واجب الوجود لذاته عينا واندرج الواجب الوجود لذاته في الممكن حكما فتدبر ما قلناه واعلم أن كلامنا في شرح ما ورد إنما هو على قول الولي إذا قال مثل هذا اللفظ أو نطق به من مقام ولايته لا من مقام الرتبة التي منها بعث رسولا فإن الرسول إذا قال مثل هذا اللفظ في المعرفة بالله من مقامه الاختصاصي فلا كلام لنا فيه ولا ينبغي لنا أن نشرح ما ليس بذوق لنا وإنما كلامنا فيه من لسان الولاية فنحن نترجم عنها بأعلى وجه يقتضيه حالها هذا غاية الولي في ذلك ولا شك أن المعية في هذا الخبر ثابتة والشيئية منفية والمعية تقتضي الكثرة والموجود الحق هو عين وجوده في نسبته إلى نفسه وهويته وهو عين المنعوت به مظهره فالعين واحدة في النسبتين فهذه المعية كيف تصح والعين واحدة فالشيئية هنا عين المظهر لا عينه وهو معها لأن الوجود يصحبها وليست معه لأنها لا تصحب الوجود وكيف تصحبه والوجوب لهذا الوجود ذاتي ولا ذوق للعين الممكنة في الوجوب الذاتي فهو يقتضيها فيصح إن يكون معها وهي لا تقتضيه فلا يصح أن تكون معه فلهذا نفى الشئ أن يكون مع هوية الحق لأن المعية نعت تمجيد ولا مجد لمن هو عديم الوجوب الوجودي لذاته فإن الشئ لا يكون مع الشئ إلا بحكم الوعيد أو الوعد بالخير وهذا لا يتصور من الدون للأعلى فالعالم لا يكون مع الله أبدا سواء اتصف بالوجود أو العدم والواجب الوجود الحق لذاته يصح له نعت المعية مع العالم عدما ووجودا (السؤال الرابع والعشرون) ما بدء الأسماء الجواب إطلاق هذا اللفظ في الطريق يقتضي أمرين الواحد سؤال عن أول الأسماء والثاني سؤال عما تبتدئ به الأسماء من الآثار وهذان الأمران فرعان عن مدلول لفظ الأسماء ما هو هل هو موجود أو عدم أو لا وجود ولا عدم وهي النسب فلا تقبل معنى الحدوث ولا القدم فإنه لا يقبل هذا الوصف إلا الوجود أو العدم فاعلم إن هذه الأسماء الإلهية التي بأيدينا هي أسماء الإلهية التي سمى بها نفسه من كونه متكلما فنضع الشرح الذي كنا نوضح به مدلول تلك الأسماء على هذه الأسماء التي بأيدينا وهو المسمى بها من حيث الظاهر ومن حيث كلامه وكلامه علمه وعلمه ذاته فهو مسمى بها من حيث ذاته والنسب لا تعقل للموصوف بالأحدية من
(٥٦)