الرسمية ولهذا اجترأ العباد عليها وتعدوها ومنها عوقبوا كما إذا أدخلهم الحق صاحب الحد فيما هو له لم يتصف بالظلم فما استوجب عقوبة ولما كان حدا رسميا قبل العبد الدخول فيه فإن دخل فيه بنفسه من غير إدخال صاحبه فقد عرض نفسه للعقوبة فصاحب الحد بخير النظرين إن شاء عاقب وإن شاء عفا وإن شاء أثنى كالمتصف بالكرم والعفو والصفح وهذه كلها حدود رسمية للحق فاعلم ما نبهتك عليه من العلم الغريب في هذه المسألة فإنها من لباب المعرفة بالله وأما حدود الله اللفظية فما حجر منها شيئا سوى كلمة الله واختلفوا في كلمة الرحمن بالألف واللام وكذلك أيضا لم يتسم أحد بالرحمن الرحيم على أن يكون من الأسماء المركبة مثل بعل بك ورام هرمز وبلال آباذ والحماية لهذا الاسم لم يكن عن أمر إلا هي مشروع وإنما كانت حماية غيبية أغفل الله عن التسمية بهذا الاسم المركب الناس ويكفي هذا القدر من تقوى الحدود (الباب السابع والثمانون في تقوى النار) قال تعالى واتقوا النار التي أعدت للكافرين واتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة وقال قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة من يتقي النار فذاك الذي * يحشر للرحمن من قبره من اسمه الجبار أو مثله * فليشكر الله على شكره لا سيما والنار مشهوده * في ذلك اليوم على كبره لا تقي النار ولا مثلها * فإن تقوى النار من مكره لا تقي غير الإله الذي * أبطن نفع الشخص في ضره اعلم وفقك الله وفهمك أن النار قد تتخذ دواء لبعض الأمراض فهي وقاية وهو الداء الذي لا يتقي إلا بالكي بالنار فقد جعل الله النار وقاية في هذا الموطن من داء هو أشد من النار في حق المبتلى به وأي داء أكبر من الكبائر فجعل الله لهم النار يوم القيامة دواء كالكي بالنار في الدنيا فدفع بدخولهم النار يوم القيامة داء عظيما أعظم من النار وهو غضب الله الذي قام مقام الداء الذي يكوي من يخاف عليه منه بالنار ولهذا يخرجون بعد ذلك من النار إلى الجنة قد امتحشوا كما يخرج إلى العافية صاحب الكي بالنار هذا إذا جعلناها وقاية كما جعلنا في الحدود الدنياوية وقاية من عذاب الآخرة ولهذا هي كفارات أي تستره هذه الحدود عن عذاب الآخرة ومن هنا قلنا في المحاربين الله ورسوله إن المعنى بهم الكفار فإن الله لما عاقبهم في الدنيا لم يجعل عقوبتهم كفارة مثل ما هي الحدود في حق المؤمنين بل قال ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم وهذا لا يكون إلا للكفار والعذاب العظيم هو أن يعم الظاهر والباطن بخلاف عذاب أهل الكبائر من المؤمنين فإن الله يميتهم في النار إماتة حتى يعودوا حمما شبه الفحم فهؤلاء ما أحسوا بالعذاب لموتهم فليس لهم حظ في العذاب العظيم فتتقي النار لما يكون من الألم عند تعلقها بنا والذين هم جمر لها يزيدون في فعلها فإنهم المحرقون بالنار مثل الجمرات ثم تفعل النار بوساطة الجمرات التي ظهرت فيها فعلا آخر قد يكون فيه منفعة كالجمرات التي تكون تحت القدر لإنضاج ما في القدر ليقع بذلك الإنضاج منفعة المتمتع بما نضج ولما كانت كرة الأثير واسعة الشمس تؤثر في مولدات الفواكه والمعادن بحرارتها نضجا لما في ذلك من المنفعة لنا كانت رحمة مع كونها نارا كذلك من عرف نشأة الآخرة وموضع الجنة والنار وما في فواكه الجنة من النضج الذي يقع به الالتذاذ لأكله من أهل الجنان علم أين النار وأين الجنة وإن نضج فواكه الجنة سببها حرارة النار الذي تحت مقعر أرض الجنة فتحدث النار حرارة في مقعر أرضها فيكون صلاح ما في الجنة من المأكولات وما لا يصلح إلا بالحرارة من حرارة النار وهو لها كحرارة النار تحت القدر فإن مقعر أرض الجنة هو سقف النار وقد بينا ذلك في التنزلات الموصلية والشمس والقمر والنجوم كلها في النار وعن أحكامها بما أودع الله فيها كانت منافع الحيوانات بها فتفعل بالأشياء هنالك علوا كما كانت تفعل هنا سفلا وكما هو الأمر هنا كذلك ينتقل إلى هنالك بالمعنى وإن اختلفت الصور ألا ترى أرض الجنة مسكا وهو حار بالطبع لما فيه
(١٦١)