واحدة تجمع ما جمعت الوسيلة وإن كانت ما جمعت الوسيلة متفرقا في درجات متعددة ولكن للوسيلة خاصية الجمع (السؤال الرابع والتسعون) فأين محل من يكون محقا الجواب في مقعد صدق عند مليك مقتدر فإن الحقوق ما يطلبها المحق إلا وهو في المقعد الصدق لأنه صادق ولا تطلب الحقوق إلا عند من يعلم أنه قادر على إيصالها وملك ماضي الكلمة في ملكه فلهذا قلنا في مقعد صدق عند مليك مقتدر فاجتمع هذا المحق مع المتقي في هذا المحل والمتقي في جنات ونهر وإن كان المحق كذلك ولكن لما كان الفرق بين المتقي وبين هذا معلوما لم تكن الجنات كالجنات ووقع الاشتراك في كونه محقا مع المتقي فالمتقي ما نال المقعد الصدق إلا من كونه محقا عند مليك مقتدر حضرة بقاء العين والاقتدار والتأييد ولهم أماكن مختلفة بحسب الحضرات التي ينزلونها من حضرات الأسماء محلهم الاسم الصادق والحق والناصر وما في معنى هذه الأسماء فأي اسم من هؤلاء الأسماء نظر إليه كان محله وأما في الذاتيات فمحله الواجبات وأما في الألوهية فمحلها بالظفر بالمطلوب وأما في العبودية فمحلها عبودية الفرائض وأما في الأحوال فالتأثير وأما في المقامات فالصدق وأما في الجنان فارتفاع الحجب وأما في الدنيا فالفعل بالهمة وأما في المعارف فإن يكون مع الحق من حيث أمره ومع عالمه من حيث عدله ووفائه فيعين كل طالب حق فمقامه لا يتزلزل ولا ينخرم فإن له في كل حضرة مقعدا ومجلسا فحيث حل فهو بيته فلا يفطر إن كان صائما ولا يقصر الصلاة فإنه مقيم غير مسافر لأن السفر فيه لا يجوز فيه القصر ولا الفطر فهو كمثل عائشة قالت لا أقصر فإني أم المؤمنين فحيث ما حللت حللت عند نبي فإنا في بيتي والسفر إليه بخلاف ذلك فإنه يقصر ويفطر فهو فطر الصائمين (السؤال الخامس والتسعون) ما سكينة الأولياء الجواب إذا اتبع الولي الأسباب وقطعها سببا سببا وولى مملكة جابرقينا وجابرسينا وجمع له بين المشرقين والمشارق والمغربين والمغارب واطلع على المشرق والمغرب ووفى المقامات حقها وأعطى الأنبياء حقهم وأنبياء الشرائع حقهم وأنصف الملأ الأعلى وأحال الأسماء الإلهية على الأسماء الإلهية ولم يتوجه لمخلوق عليه حق فإنه غير وارث ولا رسول ولا إمام ولا صاحب منصب يخاف عليه فيه عدله أو جوره ويرجى فيه فضله وجهل قدره ولم يعرف حقه وتمنى الرسل في موطن ما أن تكون مثله وجمع هذا كله فتلك سكينة الأولياء التي يسكنون إليها فهم العرائس المصانون رجال أي رجال يسكنون إليها ولا تحصل لهم دائما لكن لهم اختلاسات فيها كالبروق فهي تشبه المشاهد الذاتية في كونها لا بقاء لها فإن المواطن تحكم عليهم وطبيعتهم تطلبهم فإن اتفق أن تحصل لأحد وقتا ما قصيرا أو طويلا فإن الدوام محال فيكون الولي في تلك الحال ناظرا لمن يطلب طبيعته فيكون كالمتفرج ويرى الظاهر فيه المسؤول ذلك إما يعطيها ما سألته وإما يمنعها وهو مهيمن على ذلك من حيث عينه إلا أن هذه هي العبودة المحضة التي لا يتخللها شوب من الربوبية (السؤال السادس والتسعون) ما حظ المؤمنين من قوله الظاهر والباطن والأول والآخر الجواب كل مصدق بأمر لم يعلمه إلا من الذي أخبره به فقد بطن عنه ما صدقه فيه وظهر له ما صدقه فيه عند إخباره وحظه من الأول أن لا يتوقف في تصديقه عند سماعه الخبر منه وحظه من الآخر أن لا يتردد فيما صدقه فيه إن قدح فيه نظره عند التفكر فيما أخبره به المخبر وذلك أن الايمان نور شعشعاني ظهر عن صفة مطلقة لا تقبل التقييد فإذا خالط هذا النور بشاشة القلوب كان حكمه ما ذكرناه من الظاهر والباطن والأول والآخر والمؤمنون فيه على قسمين مؤمن عن نظر واستدلال وبرهان فهذا لا يوثق بإيمانه ولا يخالط نوره بشاشة القلوب فإن صاحبه لا ينظر إليه إلا من خلف حجاب دليله وما من دليل لأصحاب النظر إلا وهو معرض للدخل فيه والقدح ولو بعد حين فلا يمكن لصاحب البرهان أن يخالط الايمان بشاشة قلبه وهذا الحجاب بينه وبينه والمؤمن الآخر الذي كان برهانه عين حصول الايمان في قلبه لا أمر آخر وهذا هو الايمان الذي يخالط بشاشة القلوب فلا يتصور في صاحبه شك لأن الشك لا يجد محلا يعمره فإن محله الدليل ولا دليل فما ثم على ما يرد الدخل ولا الشك بل هو في مزيد ثم إن المؤمن على نوعين مؤمن له عين فيه نور بذلك العين إذا اجتمع بنور الايمان أدرك المغيبات التي متعلقها الايمان ومؤمن ما لعينه نور سوى نور الايمان فنظر إليه به ونظر إلى غيره به
(٩٨)