لذة ينقال تكييفها وولي حظه من ذلك لذة لا ينقال تكييفها فهم درجات عند الله كما كانوا في الدنيا كما قال تعالى هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون (السؤال الحادي والسبعون) ما حظوظ العامة من النظر إليه الجواب حظوظ العامة من النظر إليه على قدر ما فهموه ممن قلدوه من العلماء على طبقاتهم فمنهم من ألقى إليه عالمه ما عنده ومنهم من ألقى إليه عالمه على قدر ما علم من عقله وقبوله فإن الفطر مختلفة متفاضلة بحسب ما ألقى الله عندها فإنها أقسام أصلها المزاج الذي ركبه الله عليه وهو السبب في اختلاف نظر العلماء بأفكارهم في المعقولات فيكون حظهم في لذة النظر حظهم فيما تخيل لهم فالعامة حظوظهم خيالية لا يقدرون على التجريد عن المواد في كل ما يلتذون به من المعاني في الدنيا والبرزخ والآخرة بل قليل من العلماء من يتصور التجريد الكلي عن المواد ولهذا أكثر الشريعة جاءت على فهم العامة وتأتي فيها تلويحات للخاصة مثل قوله تعالى ليس كمثله شئ وسبحان ربك رب العزة عما يصفون (السؤال الثاني والسبعون) أن الرجل منهم ينصرف بحظه من ربه فيذهل أهل الجنان عن نعيمهم اشتغالا بالنظر إليه الجواب ذلك للباس الرائي صورة ما رأى وسبب ذلك أن المقام عظيم في قلب كل طائفة وأنه أعظم مما هم فيه من نعيم الأكوان في الجنان فإذا دعوا إلى الزيارة وبقي الأزواج الجنانيون من الحور والولدان وأشجار الجنان وأنهارها وجميع ما فيها مما يتنعم به من الطيور والمراكب وغير ذلك والكل حيوان فإنها الدار الحيوان فإذا دعى صاحب المنزل ذكرا كان أو أنثى من الثقلين بقي أهل ذلك المنزل مترقبين ما يأتون به إليهم من الخلع الإلهية التي أورثهم النظر إليه وبأي صورة يرجعون إليهم من ذلك المقام الأعظم إذ كان ذلك مشاهدة الملك فإذا وردوا عليهم من الزيارة إذا قال الجليل لملائكته ردوهم إلى قصورهم وقد غشيهم من نور الرؤية ما غشاهم مما لا مناسبة بين ذلك وبين الجمال والبهاء الذي كانوا فيه قبل الزيارة مع تعظيم المقام الذي مشوا إليه في قلوب أهل المنزل ثم إنهم إذا رجعوا إليهم بصفة ما يشاهدونه في الرؤية أشرق الجنان بأنوارهم على مقدارهم بصورة ما رأوه فيجدون من الزيارة ما لم يكن عندهم ولا كانوا عليه فهذا هو السبب في ذهولهم وحظ كل شخص من ربه على مقدار علمه وعقده في درجات العقائد واختلافاتها وكثرتها وقلتها كما قد تقرر قبل في هذه الفصول فاعلم ذلك والله الهادي وفي سوق الجنة علم ما أشرنا إليه (السؤال الثالث والسبعون) ما المقام المحمود الجواب هو الذي يرجع إليه عواقب المقامات كلها وإليه تنظر جميع الأسماء الإلهية المختصة بالمقامات وهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويظهر ذلك لعموم الخلق يوم القيامة وبهذا صحت له السيادة على جميع الخلق يوم العرض قال صلى الله عليه وسلم أنا سيد الناس يوم القيامة وكان قد أقيم فيه آدم صلى الله عليه وسلم لما سجدت له الملائكة فإن ذلك المقام اقتضى له ذلك في الدنيا وهو لمحمد صلى الله عليه وسلم في الآخرة وهو كمال الحضرة الإلهية وإنما ظهر به أولا أبو البشر لكونه كان يتضمن جسده بشرية محمد صلى الله عليه وسلم وهو الأب الأعظم في الجسمية والمقرب عند الله وأول هذه النشأة الترابية الإنسانية فظهرت فيه المقامات كلها حتى المخالفة إذ كان جامعا للقبضتين قبضة الوفاق وقبضة الخلاف فما تحرك من آدم لمخالفة النهي إلا النسمة المجبولة على المخالفة فكانت مخالفته نهي الله من تحرك تلك النسمة التي كان يحملها في ظهره فإن المقام يقتضي له ذلك وسألت شيخنا أبا العباس عن ذلك فقال ما عصى من آدم عليه السلام إلا ما كان من أولاده المخالفين في ظهره وكانت العاقبة لمحمد صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة فظهر في المقام المحمود ومنه يفتح باب الشفاعات فأول شفاعة يشفعها عند الله تعالى في حق من له أهلية الشفاعة من ملك ورسول ونبي وولي ومؤمن وحيوان ونبات وجماد فيشفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه لهؤلاء أن يشفعوا فكان محمودا بكل لسان وبكل كلام فله أول الشفاعة ووسطها وآخرها يقول الله شفعت الملائكة شفع النبيون وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين فيقتضي سياق الكلام أن يكون أرحم الراحمين يشفع أيضا فلا بد ممن يشفع عنده وما ثم إلا الله فاعلم إن الله يشفع من حيث أسماؤه فيشفع اسمه أرحم
(٨٦)