لا غيره ولكن إيجابه على نفسه لمن أوجب عليه مثل قوله فسأكتبها للذين يتقون يعني الرحمة الواسعة فأدخلها تحت التقييد بعد الإطلاق من أجل الوجوب ومثل قوله كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه الآية فهل هذا كله من حيث مظاهره أو هو وجوب ذاتي لمظاهره من حيث هي مظاهر لا من حيث الأعيان فإن كان للمظاهر فما أوجب على نفسه إلا لنفسه فلا يدخل تحت حد الواجب ما هو وجوب على هذه الصفة فإن الشئ لا يذم نفسه وإن كان للأعيان القابلة أن تكون مظاهر كان وجوبه لغيره إذ الأعيان غيره والمظاهر هويته فقل بعد هذا البيان ما شئت في الجواب ويكون الجواب بحسب ما قيده الموجب فاستوجبوا ذلك على ربهم في موطن بكونهم يتقون ويؤتون الزكاة على مفهوم الزكاة لغة وشرعا والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم فهؤلاء طائفة مخصوصة وهم أهل الكتاب فخرج من ليس بأهل الكتاب من هذا التقييد الوجوبي وبقي الحق عنده من كونه رحمانا على الإطلاق واستوجبت طائفة أخرى ذلك على ربها إنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فقيد بالجهالة فإن لم يجهل لم يدخل في هذا التقييد وبقيت الرحمة في حقه مطلقة ينتظرها من عين المنة التي منها كان وجوده أي منها كان مظهرا للحق لتتميز عينه في حال اتصافها بالعدم عن العدم المطلق الذي لا عين فيه ألا ترى إبليس كيف قال لسهل في هذا الفصل يا سهل التقييد صفتك لا صفته فلم ينحجب بتقييد الجهالة والتقوى عما يستحقه من الإطلاق فلا وجوب عليه مطلقا أصلا فمهما رأيت الوجوب فاعلم إن التقييد يصحبه وأما من رأى أنهم استوجبوا ذلك على ربهم من غير ما ذكره تعالى عن نفسه فقالوا ببذلهم مراكبهم في زمان الزيادة طلبا للمواصلة وإيثار الجناب الحق في زعمهم وإن كان في ذلك نقص فهو عين الكمال التام بهذه المراعاة فهذا عندي مثل ما قال الشاعر لعمر بن الخطاب حين حبسه ما ذا تقول لأفراخ بذي مرح * حمر الحواصل لا ماء ولا شجر ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة * فاغفر هداك مليك الناس يا عمر ما آثروك بها إذ قدموك لها * لا بل لأنفسهم قد كانت الأثر فإن كانوا بذلوا مراكبهم عن طلب إلهي يقتضي ذلك وجوبا إلهيا كان مثل الأول فإنه لو لم يرد عنه تعالى الوجوب على نفسه لم نقل به فإنه سوء أدب من العبد أن يوجب على سيده غير إن هنا لطيفة دقيقة لا يشعر بها كثير من العارفين بهذه المجالس وذلك أنه كما نطلبه لوجود أعياننا يطلبنا لظهور مظاهره فلا مظهر له إلا نحن ولا ظهور لنا إلا به فيه عرفنا أنفسنا وعرفناه وبنا تحقق عين ما يستحقه الإله فلولاه لما كنا * ولولا نحن ما كانا فإن قلنا بأنا هو * يكون الحق إيانا فأبدانا وأخفاه * وأبداه وأخفانا فكان الحق أكوانا * وكنا نحن أعيانا فيظهرنا لنظهره * سرارا ثم إعلانا فلما وقفوا على هذه الحقائق من نفوسهم ونفوس الأعيان سواهم تميزوا على من سواهم بأن علموا منهم ما لم يعلموا من أنفسهم واطلع الحق على قلوبهم فرأى ما تجلت به مما أعطتها العناية الإلهية وسابقة القدم الرباني استوجبوا على ربهم ما استوجبوه من أن يكونوا أهلا لهذه المجالس الثمانية والأربعين (السؤال الثامن) فإن قلت عن أهل هذه المجالس ما حديثهم ونجواهم قلنا في الجواب بحسب الاسم الذي يقيمهم فلا يتعين علينا تعيينه ولكن الأصول الإلهية محفوظة وذلك أن حديث أهل الحضرة الأولى في مجالستهم فيها والمجلس الأول الذي بين المثلين من اسمه الظاهر والمبدئ والباعث وكل اسم يعطي البروز ووجود الأعيان تحادث الحق فيه بلسان حياة الأرواح وحياة إلهيا كل السفلية في البرازخ وعالم الحس والمحسوس والعقل والمعقول وبلسان من ضاع
(٤٥)