الظاهر فيها فالأحدية من ظهورها والعدد من أعيانها فيقتضي الحق من الموحدين الذين وصفوا بصفة التوحيد أن يوحدوه من حيث هويته وإن تعددت المظاهر فما تعدد الظاهر فلا يرون شيئا إلا كان هو المرئي والرائي ولا يطلبون شيئا إلا كان هو الطالب والطلب والمطلوب ولا يسمعون شيئا إلا كان هو السامع والسمع والمسموع فلا تزاحم فلا منازعة فإن النزاع لا يحمله إلا التضاد وهو المماثل والمنافر وهو عين المماثل هنا إذ قد يكون الضدان ما ليس بمثلين بخلاف المخالف فإن حكم المخالف لا يقع منه مزاحمة ولا منازعة ولهذا نفى الحق أن تضرب له الأمثال لأنها أضداد تنافي حقيقة ما ينبغي له ولا ينافيه ما سمي به حيث نفى التشبيه فقال ليس كمثله شئ وهو السميع البصير خلق الله التفاحة تحمل اللون والطعم والرائحة ولا مزاحمة في الجوهر الذي لا ينقسم ويستحيل وجود لونين أو طعمين أو ريحين في ذلك الجزء الذي لا ينقسم فلا يصح إلهان لأنهما مثلان ويصح وجود جميع الأسماء للعين الواحدة لأنها خلاف والخلاف قابل للاجتماع بخلاف المماثل فإذا استحال الاجتماع فلحكم الضدية لا لحكم الخلاف إذ الاجتماع لا يناقض الخلاف فكل اجتماع يطلب الخلاف وما كل خلاف يطلب الاجتماع وإنما يقتضي الحق من الموحدين عدم المزاحمة ليبقى الرب ربا والعبد عبدا فلا يزاحم الرب العبد في عبوديته ولا يزاحم العبد الرب في ربوبيته مع وجود عين الرب والعبد فالموحد لا يتخلق بالأسماء الإلهية فإن قلت فيلزم أن لا يقبل ما جاء من الحق من اتصافه بأوصاف المحدثات من معية ونزول واستواء وضحك فهذه أوصاف العباد وقد قلت أن لا مزاحمة فهذه ربوبية زاحمت عبودية قلنا ليس الأمر كما زعمت ليس ما ذكرت من أوصاف العبودية وإنما ذلك من أوصاف الربوبية من حيث ظهورها في المظاهر لا من حيث هويتها فالعبد عبد على أصله والربوبية ربوبية على أصل ها والهوية هوية على أصلها فإن قلت فالربوبية ما هي عين الهوية قلنا الربوبية نسبة هوية إلى عين والهوية لنفسها لا تقتضي نسبة وإنما ثبوت الأعيان طلبت النسب من هذه الهوية فهو المعبر عنها بالربوبية فاقتضى الحق من الموحدين أن يوحدوا كل أمر لترتفع المزاحمة فيزول النزاع فيصح الدوام للعالم فيتعين عند ذلك ما معنى الأزل بمعقولية الأبد وهو قولك لا يزال فلو لا النقطة المفروضة في الخط التي تشبه الآن ما فرق بين الأزل والأبد كما لا نفرق بين الماضي والمستقبل بانعدام الآن من الزمان إلا إن النقطة هي الربوبية ففرقت بين الهوية والأعيان وهو المسمى المظاهر إلا إن النقطة أنت فتميز هو وأنا بأنت فإذا علمت هذا فأنت موحد فأعط الحق ما يقتضيه منك إذا اقتضاه فإن قال لك أليس قد تبين لك في المرتبة الأخرى أنه ما ثم إلا الله وبينت في ذلك ما بينت فلما ذا نزعت هنا هذا المنزع قلنا لأنك سميت نفسك مقتضيا منا من كوننا موحدين أمرا ما لا يقتضي أنت ما يعطيك نحن نحن ما أعطيناك إنما أعطينا للمقتضي فلا تكلمنا بغير لغتنا إذ أنت القائل وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه يكون المقتضي في هذا الفصل مشهودنا ويخاطبنا اسم آخر ليس مشهودنا هذا خطاب ابتلاء وتمحيص (السؤال الثامن والثمانون) عن الحق المقتضي ما الحق الجواب سمي الحق حقا لاقتضائه من عباده من حيث أعيانهم ومن حيث كونهم مظاهر ما يستحق إذ لا يطلب الحق إلا بالحق وهو العلم الحاصل بعد العين وهو ما يجب على المقتضي منه ما يعطيه إذا طلبه منه كتب ربكم على نفسه الرحمة أي أوجبها فصارت حقا عليه قال وكان حقا علينا نصر المؤمنين فهو الحق لا غيره وهو المستحق والمحق وهو الذي تجب عليه الحقوق من حيث إيجابه لا من حيث ذاته فالأعيان لولا ما تستحق أن تكون مظاهر ما ظهر الحق فيها ولم يكن حكيما لما كان يلزم من الخلل في ذلك ولو لم تكن الهوية تستحق الظهور في هذه المظاهر العينية لظهور سلطان الربوبية ما ظهرت في هذه الأعيان لأن الشئ لا يظهر في نفسه لنفسه فلا بد من عين يظهر فيها لها فيشهد نفسه في المظهر فيسمى مشهودا وشاهدا فإن الأعيان لا تستحق ولهذا قال كتب ربكم على نفسه الرحمة ولم يقل إن الأعيان تستحق الرحمة فالأعيان ليس لها استحقاق إلا أن تكون مظاهر خاصة فقل للحق إن الحق ما هو * سواه فهو حق في الحقيقة فلم أنظر بعيني غير عيني * فعين الحق أعيان الخليقة
(٩٤)