والباطن فلو كان عنده هذا العلم من نسبتين مختلفتين ما صدق قوله بجمعه بين الضدين ولو كانت معقولية الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية في نسبتها إلى الحق معقولية نسبتها إلى الخلق لما كان ذلك مدحا في الجناب الإلهي ولا استعظم العارفون بحقائق الأسماء ورود هذه النسب بل يصل العبد إذا تحقق بالحق أن تنسب إليه الأضداد وغيرها من عين واحدة لا تختلف وإذا كان العبد يتصور في حقه وقوع هذا فالحق أجدر وأولى إذ هو المجهول الذات فمثل هذه المعرفة الإلهية لا تنال إلا من هذه المنازل التي وقع السؤال عنها وأما عدد الأولياء الذين لهم عدد المنازل فهم ثلاثمائة وستة وخمسون نفسا وهم الذين على قلب آدم ونوح وإبراهيم وجبريل وميكائيل وإسرافيل وهم ثلاثمائة وأربعون وسبعة وخمسة وثلاثة وواحد فيكون المجموع ستة وخمسين وثلاثمائة هذا هو عند أكثر الناس من أصحابنا وذلك للحديث الوارد في ذلك وأما طريقتنا وما يعطيه الكشف الذي لا مرية فيه فهو المجموع من الأولياء الذين ذكرنا أعدادهم في أول هذا الباب ومبلغ ذلك خمسمائة نفس وتسعة وثمانون نفسا منهم واحد لا يكون في كل زمان وهو الختم المحمدي وما بقي فهم في كل زمان لا ينقصون ولا يزيدون وأما الختم فهذا زمانه وقد رأيناه وعرفناه تمم الله سعادته علمته بفاس سنة خمس وتسعين وخمسمائة والمجمع عليه من أهل الطريق أنهم على ست طبقات أمهات أقطاب وأئمة وأوتاد وأبدال ونقباء ونجباء وأما الذين زادوا على هؤلاء في الكشف فطبقات الرجال عندهم الذي يحصرهم العدد ولا يخلو عنهم زمان خمس وثلاثون طبقة لا غير ومرتبة الختمين ولكن لا يكونان في كل زمان فلهذا لم نلحقهما بالطبقات الثابتة في كل زمان (السؤال الثاني) أين منازل أهل القرية الجواب بين الصديقية ونبوة الشرائع فلم تبلغ منزلة بنى التشريع من النبوة العامة ولا هو من الصديقين الذين هم أتباع الرسل لقول الرسل وهو مقام المقربين وتقريب الحق لهم على وجهين وجه اختصاص من غير تعمل كالقائم في آخر الزمان وأمثاله ووجه آخر من طريق التعمل كالخضر وأمثاله والمقام واحد ولكن الحصول فيه على ما ذكرناه ومن ثم يتبين الرسول من النبي ويعم الجميع هذا المقام وهو مقام المقربين والأفراد وفي هذا المقام يلتحق البشر بالملأ الأعلى ويقع الاختصاص الإلهي فيما يكون من الحق لهؤلاء وأما المقام فداخل تحت الكسب وقد يحصل اختصاصا ولهذا يقال في الرسالة إنها اختصاص وهو الصحيح فإن العبد لا يكتسب ما يكون من الحق سبحانه فله التعمل في الوصول وما له تعمل فيما يكون من الحق له عند الوصول ومن هناك منبع العلم اللدني الذي قال الله فيه في حق عبده خضر آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما المعنى آتيناه رحمة علما من عندنا وعلمناه من لدنا وهو من الأربعة المقامات الذي هو علم الكتابة الإلهية وعلم الجمع والتفرقة وعلم النور والعلم اللدني واعلم أن منزل أهل القربة يعطيهم اتصال حياتهم بالآخرة فلا يدركهم الصعق الذي يدرك الأرواح بل هم ممن استثنى الله تعالى في قوله ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وهذا المنزل هو أخص المنازل عند الله وأعلاها والناس فيه على طبقات ثلاث فمنهم من يحصله برمته وهم الرسل صلوات الله عليهم وهم فيه على درجات يفضل بعضهم بعضا ومنهم من يحصل منه الدرجة الثانية وهم الأنبياء صلوات الله عليهم الذين لم يبعثوا بل تعبدوا بشريعة موقوفة عليهم فمن اتبعهم كان ومن لم يتبعهم لم يوجب الله على أحد أتباعهم وهم فيها على درجات يفضل بعضهم بعضا والطبقة الثالثة هي دونهما درج النبوة المطلقة التي لا يتخلل وحيها ملك ودون هؤلاء الطبقات هم الصديقون الذين يتبعون المرسلين ودون هؤلاء الصديقين الصديقون الذين يتبعون الأنبياء من غير أن يجب ذلك عليهم ودون هؤلاء الصديقين الذين يتبعون أهل الطبقة الثالثة وهم الذين انطلق عليهم اسم المقربين أعني أهل الطبقة الثالثة ولكل طبقة ذوق لا تعلمه الطبقة الأخرى ولهذا قال الخضر لموسى عليه السلام وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا والخبر الذوق وهو علم حال وقال الخضر لموسى أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا (السؤال الثالث) فإن قيل إن الذين حازوا العساكر بأي شئ حازوا فلنقل في الجواب نذكر أو لا ما معنى العساكر وما معنى حيازتهم لهم ثم نبين بأي شئ حازوا فإن هذا السائل إذا أرسل سؤاله من غير تقييد لفظي أو قرينة حال
(٤١)