فقد غفرت لك فعمل على كشف وتحقق وهذا ثابت في شرعنا بلا شك فأهل الحديث أيضا لهم في مثل هذا قدم ولكن ليس هم مخصوصين به بل يشاركهم فيه من ليس بمحدث من الأولياء وقد عرفت صفة المحدثين فيما قبل وصفة النبيين فقف عند ذلك والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (السؤال الثامن والخمسون) أين مكانهم منهم الجواب مكان التابع من المتبوع وهو المشي على الأثر قال شيخنا محمد بن قائد رأيت في دخولي عليه أثر قدم أمامي فغرت فقيل لي هذه قدم نبيك فسكن ما بي فاعلم أن هذه الدولة المحمدية جامعة لأقدام النبيين والمرسلين عليهم السلام فأي ولي رأى قدما أمامه فتلك قدم النبي الذي هو له وارث وأما قدم محمد صلى الله عليه وسلم فلا يطأ أثره أحد صلى الله عليه وسلم كما لا يكون أحد على قلبه فالقدم التي رآها محمد بن قائد أو يراها كل من يراها فتلك قدم النبي الذي هو له وارث ولكن من حيث ما هو محمدي لا غير ولهذا قيل له قدم نبيك ولم يقل له هذه قدم محمد صلى الله عليه وسلم فإن كان الشيخ فهم منه ما ذكرناه فهو من أهل الحديث والكمال وإن كان فهم منه قدم محمد صلى الله عليه وسلم فذلك صدع أصاب عين فهمه ولهذا قال السائل أين مكانهم منهم ولم يقل منه والمكان هنا يعني به المكانة وحكي عن عبد القادر الجيلي أنه قال حين قيل له ما قاله هذا الشئ كنت في المخدع ومن عندي خرجت له النوالة يعني الخلعة التي أعطى لأنه سئل عنه فقال ما رأيته في الحضرة فقيل ذلك لعبد القادر فلذلك قال كنت في المخدع وسمي النوالة وكان كما قال وإنما قال في المخدع ولم يسم مكان صونه وعينه بهذا الاسم ليعلم بخداع الله محمد بن قائد حيث حكم بأنه ما رأى عبد القادر في الحضرة في معرض النفاسة عليه فإن حضرة محمد بن قائد في هذه الواقعة هي حضرته التي تختص به من حيث معرفته بربه لا حضرة الحق من حيث ما يعرفه عبد القادر أو غيره من الأكابر فستر عنه مقام عبد القادر خداعا فهم ذلك عبد القادر فقال كنت في المخدع وقوله أن من عنده خرجت النوالة له يدل على أن عبد القادر كان شيخه في تلك الحضرة وعلى يديه استفادها وجهل ذلك محمد بن قائد فإن الرجال في ذلك كانوا تحت قهر عبد القادر فيما يحكى لنا من أحواله وأحوالهم وكان يقول هذا عن نفسه فيسلم له حاله فإن شاهده يشهد له بصدق دعواه فإنه كان صاحب حال مؤثرة ربانية مدة حياته لم يكن صاحب مقام وما انتقل إلى حال أبي السعود وإن كان تلميذه إلا عند موته وهي الحال الكبرى وكانت هذه الحال مستصحبة لأبي السعود طول حياته فكان عبدا محضا لم تشب عبوديته ربوبية فاعلم ذلك ثم لتعلم أن مكان كل واحد من نبيه الذي هو وارثه إنما مكانه منه على الحال التي أثمر له طريقه فإنه لا يرث أحد نبيا على الكمال إذ لو ورثه على الكمال لكان هو رسولا مثله أو نبي شريعة تخصه يأخذ عمن يأخذ عنه وليس الأمر كذلك إلا أن الروح الذي يلقي على ذلك النبي تمتد منه رقيقة ملكية لقلب هذا الرجل الوارث في صورة حالة مشوبة في ظاهرها بصورة ذلك الملك وتسمى تلك الروحانية باسم ذلك الملك وتخاطب هذا الوارث ويخاطبها هذا الوارث بقدر حاله وينطلق على تلك الرقيقة اسم ذلك الروح وربما بعض الورثة يتخيل أنه عين الروح الذي كان يلقي على ذلك النبي وأنه الروح عينه والصور مختلفة وليس الأمر كذلك والخطاب من حيث الصورة لا من حيث الروح وتتعين المرتبة بالصورة فمعرفة الإنسان بنفسه ومرتبته لا تعلم إلا من الصورة ومن هنا يتخيل من لا تمكن له في المعارف الإلهية ذوقا إنه نبي أو قد نال درجة أنبياء الشرائع ولهذا قال بعض السادة من رجال الله جعلك الله محدثا صوفيا ولا جعلك صوفيا محدثا فإن الغالب أن تكون بحكم الأصل المتقدم إلا أن يعصم الله فمعرفة المكان الذي لنا من الأنبياء واجب علينا العلم به لئلا نكون ممن ليس عليه في ذلك ولا سيما والله يقول ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ولو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ولو كان رجلا لظهر في صورة ملك للالتباس المطلوب الذي هو صورة عملهم ليعلم أنه ما أتى عليهم إلا منهم فما جنوا إلا ثمرة أعمالهم هذا هو الحق (السؤال التاسع والخمسون) أين سائر الأولياء الجواب في النور خلف حجاب السبحات الوجهية من الأنوار والظلم في نور ممتزج بينهما كنور الأسحار وهو السدفة وأما المؤمنون فإنهم في النور العام المبطون في ظلم الحجب ومنه
(٨٠)