أي من أجل آدم فالسجود لله من أجل آدم سجود شكر لما علمهم الله من العلم به وبما خلقه في آدم عليه السلام فعلموا ما لم يكونوا يعلمون فنال التقدمة عليهم بكونه علمهم فهو أستاذهم في هذه المسألة وبعده فما ظهرت هذه الحقيقة في أحد من البشر إلا في محمد صلى الله عليه وسلم فقال عن نفسه إنه أوتي جوامع الكلم وهو قوله في حق آدم عليه السلام الأسماء كلها وكلها بمنزلة الجوامع والكلم بمنزلة الأسماء ونال التقدمة بها وبالصورة التي خلقه الله عليها قال عليه السلام إن الله خلق آدم على صورته بالنشأة من أجل اليدين وجعله بالخلافة على صورته وهي المنزلة فأعطته الصورتان التقدم حيث لم يكن ذلك لغيره من المخلوقات فليس فوق هذه المنزلة منزلة لمخلوق فلا بد أن يكون له التقدمة على من سواه وكذلك الأمر الذي أعطاه هذا يتقدم على جميع الأمور كلها (السؤال السادس والأربعون) كم عدد الأخلاق التي منحه عطاء الجواب ثلاثمائة خلق وهي التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن لله ثلاثمائة خلق من تخلق بواحد منها دخل الجنة ولهذا قال في الثلثمائة إنهم على قلب آدم عليه السلام يعني هذه الأخلاق التي منح الله آدم فمن كملت نشأته من بنيه قبل هذه الثلثمائة من الخلق ومن لم يكمل كمال آدم فله منها على قدر ما أعطى من الكمال فمنهم الكامل والأكمل وهذه الأخلاق خارجة عن الاكتساب لا تكتسب بعمل بل يعطيها الله اختصاصا ولا يصح التخلق بها لأنه لا أثر لها في الكون وإنما هي إعدادات بأنفسها لتجليات إلهية على عددها لا يكون شئ من تلك التجليات إلا لمن له هذه الأخلاق فناهيك من أخلاق لا نعلق لها لمن كان عليها واتصف بها إلا بالله خاصة ليس بينها وبين المخلوقين نسب أصلا فقول النبي صلى الله عليه وسلم من تخلق بواحد منها أراد من اتصف بشئ منها أي من قامت به فإن الأخلاق على أقسام ثلاثة منها أخلاق لا يمكن التخلق بها إلا مع الكون كالرحيم وأخلاق يتخلق بها مع الكون ومع الله كالغفور فإنه يقتضي الستر لما يتعلق بالله من كونه غيورا ويتعلق بالكون وأخلاق لا يتخلق بها إلا مع الله خاصة وهي هذه الثلثمائة ولها من الجنات جنة مخصوصة لا ينالها إلا أهل هذه الأخلاق وتجلياتها لا تكون لغيرها من الجنات ولكن هذه الأخلاق هي لهم كالخلوق الذي يتطيب به الإنسان فإنه وجود الريح من الطيب لا تعمل فيه للمتطيب به فإنه يقتضي تلك الريح لذاته والتخلق تعمل في تحصيل الخلق وهذا ليس كذلك فالثناء على الطيب لا على من قام به فكذلك هذا الخلق إذا رئ على عبد قد اتصف به لم يقع منه ثناء عليه أصلا وإنما يقع الثناء على الخلق خاصة فكل خلق تجده بهذه المثابة فهو من هذه الأخلاق الثلثمائة فإن الكرم خلق من أخلاق الله ولكن إذا تخلق به العبد أثنى عليه بأنه كريم وكذلك الرحمة يقال فيه رحيم وهذه الأخلاق لا ينطلق على من اتصف بها اسم فاعل جملة واحدة لكن ينطلق عليه اسم موصوف بها وسبب ذلك لأنه لا تعلق لها بالكون إلا بحكم الاشتراك كالغفور ولا بحكم الاختصاص كالشديد العقاب ويعطيها الاسم الوهاب من عين المنة لا غير (السؤال السابع والأربعون) كم خزائن الأخلاق الجواب على عدد أصناف الموجودات وأعيان أشخاصها فهي غير متناهية من حيث ما هي أشخاص ومتناهية من حيث ما هي خزائن وما سميت خزائن لكون الأخلاق مخزونة فيها اختزانا وجوديا وإنما جعلت خزائن لما تتضمنه في حكم من اتصف بها من الصفات التي لا نهاية لوجودها وهي خزائن في خزائن وأصلها الذي ترجع إليه الجامع للكل ثلاث خزائن خزانة تحوي على ما تقتضيه الذوات من حيث ما هي ذوات وخزانة تحوي على ما تقتضيه النسب الموجبة للأسماء من حيث ما هي نسب وخزانة تحوي على ما تقتضيه الأفعال من حيث إنها أفعال لا من حيث المفعولات ولا الانفعالات ولا الفاعلية وكل خزانة من هذه الخزائن الثلاث تنفتح إلى خزائن وتلك الخزائن إلى خزائن هكذا إلى غير نهاية فهي تدخل تحت الكم بوجه ولا تدخل تحت الكم بوجه فما حصل منها في الوجود حصره الكم (السؤال الثامن والأربعون) إن لله مائة وسبعة عشر خلقا ما تلك الأخلاق الجواب إن هذه الأخلاق مخصوصة بالأنبياء عليهم السلام ليس لمن دونهم فيها ذوق ولكن لمن دونهم تعريفاتها فتكون عن تلك التعريفات أذواق ومشارب لا يحصيها إلا الله علما وعددا فمن هذه الأخلاق خلق الجمع الدال على التفريق والجمع الذي
(٧٢)