متوليهم لا غير وينحصر ذلك في مائة مرة من غير زيادة ولا نقصان ولكن ما دام الولي مظروفا لليوم وأما نظره للأولياء إذ أخرجوا من الأوقات فنظر دائم لا توقيت فيه ولا يقبل التوقيت فإنه لا يدخل تحت العدد ولا المغايرة ولا التمييز فإذا دخلوا أو كان حالهم الزمان فمائة مرة وكل مرة يحصل لهم في تلك النظرة ما لا يحده توقت فهو عطاء إلهي من غير حساب ولا هنداز (السؤال الرابع والعشرون ومائة) إلى ما ذا ينظر منهم الجواب إلى أسرارهم لا إلى ظواهرهم فإن ظواهرهم يجريها سبحانه بحسب الأوقات وسرائرهم ناظرة إلى عين واحدة فإن أعرضوا أو أطرفوا نقصهم في ذلك الإعراض أو تلك الطرفة ما تقتضيه النظرة وهو أكثر مما نالوه من حين أوجدهم إلى حين ذلك الأعراض قال بعض السادة فيما حكاه القشيري في رسالته لو أن شخصا أقبل على الله طول عمره ثم أعرض عنه لحظة واحدة كان ما فاته في تلك اللحظة أكثر مما ناله في عمره وذلك أن الشئ في المزيد وأن المتأخر يتضمن ما تقدمه وزيادة ما تعطيه عينه من حيث ما هو جامع فيرى ما تقدم في حكم الجمع وهو يخالف حكم انفراده وحكم جمعه دون هذا الجمع الخاص ومن حيث ما تختص به هذه اللحظة من حيث ما هي لنفسها لا من حيث كونها حضرة جمع لما تقدمها فبالضرورة يفوته هذا الخير فما أشأم الإعراض عن الله وفي هذا يتبين لك شرف العلم فإن العلم هو الذي يفوتك والعلم هو الذي تستفيده قال تعالى آمرا لنبيه عليه الصلاة والسلام وقل رب زدني علما فإنه أشرف الصفات وأنزه السمات (السؤال الخامس والعشرون ومائة) إلى ما ذا ينظر من الأنبياء عليهم السلام الجواب إن أراد العلم فإلى أسرارهم وإن أراد الوحي فإلى قلوبهم وإن أراد الابتلاء فإلى نفوسهم إلا أن نظره سبحانه على قسمين نظر بواسطة وهو قوله نزل به الروح الأمين على قلبك ونظر بلا واسطة وهو قوله تعالى فأوحى إلى عبده ما أوحى فإذا نظر إلى أسرارهم أعطاهم من العلم به ما شاء لا غير وهو أن يكشف لهم عنهم أنهم به لا بهم فيرونه فيهم ولا يرونهم فيعلمون ما أخفي لهم فيهم من قرة أعين فتقر عيونهم بما شاهدوه ويعلمون أن الله هو الحق المبين بهم في كل نظرة وهو مزيد العلم الذي أمر يطلبه لا علم التكليف فإن النقص منه هو مطلوب الأنبياء عليهم السلام ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اتركوني ما تركتكم وقوله لو قلت نعم لوجبت وما كنتم تطيقونها وإذا نظر إلى قلوبهم قلب الوحي فيهم بحسب ما تقلبوا فيه فلكل حال يتقلبون فيه حكم شرعي يدعو إليه هذا النبي وسكوته عن الدعوة شرع أي أبقوا على أصولكم وهذا هو الوحي العرضي الذي عرض لهم فإن الوحي الذاتي الذي تقتضيه ذواتهم هو أنهم يسبحون بحمد الله لا يحتاجون في ذلك إلى تكليف بل هو لهم مثل النفس للمتنفس وذلك لكل عين على الانفراد والوحي العرضي هو لعين المجموع وهو الذي يجب تارة ولا يجب تارة ويكون لعين دون عين وهو على نوعين نوع يكون بدليل أنه من الله وهو شرع الأنبياء ومنه ما لا دليل عليه وهو الناموس الوضعي الذي تقتضيه الحكمة يلقيه الحق تعالى من اسمه الباطن الحكيم في قلوب حكماء الوقت من حيث لا يشعرون ويضيفون ذلك الإلقاء إلى نظرهم لا يعلمون أنه من عند الله على التعيين لكنهم يرون أن الأصل من عند الله فيشرعونه لمتبعيهم من أهل زمانهم إذ لم يكن فيهم نبي مدلول على نبوته فإن هم قاموا بحدود ذلك الناموس ووقفوا عنده ورعوه جازاهم الله على ذلك بحسب ما عاملوه به في الدنيا والآخرة جزاء الشرع المقرر المدلول عليه فما رعوها حق رعايتها فيما ابتدعوه من الرهبانية ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها وإن الله يصدق قول واضع الناموس الحكمي كما هو مصدق واضع الناموس الشرعي الحكمي فأما جزاؤه في الدنيا فلا شك ولا خفاء بوقوع المصلحة ووجودها في الأهل والمال والعرض وأما الآخرة فعلى هذا المجرى وإن لم يتعرض إليها صاحب الناموس الحكمي كما أنه في ناموس الحكم الإلهي أن في الآخرة لنا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ويحصل لنا من غير تقدم علم به كذلك الحاصل في الآخرة جزاء لعمل الناموس الذي اقتضته الحكمة عند من ابتدعه للمصلحة فإن قال في ناموسه قال الله ويكون ممن قد علم أنه مظهر وأن لا موجود على الحقيقة إلا الله صدق وعفا الله عنه وإن كان من أهل الحجاب عن
(١١٧)