للحق فبه يتكون عن بعض الناس ما شاءوا قال الحلاج بسم الله من العبد بمنزلة كن من الحق ولكن بعض العباد له كن دون بسم الله وهم الأكابر جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أنهم رأوا شخصا فلم يعرفوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا ذر فإذا هو أبو ذر ولم يقل بسم الله فكانت كن منه كن الإلهية فإنه قال الله تعالى فيمن أحبه حب النوافل كنت سمعه وبصره ولسانه الذي يتكلم به وقد شهد الله لمحمد صلى الله عليه وسلم بأن له نافلة بقوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك فلا بد أن يكون سمعه الحق وبصره الحق وكلامه الحق ولم يشهد بها لأحد من الخلق على التعيين فعلامة من لم تستغرق فرائضه نوافله وفضلت له نوافل أن يحبه الله تعالى هذه المحبة الخاصة وجعل علامتها أن يكون الحق سمعهم وبصرهم ويدهم وجميع قواهم ولهذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون كله نورا فإن الله نور السماوات والأرض ولهذا تشير الحكماء بأن الغاية المطلوبة للعبد التشبه بالإله وتقول فيه الصوفية التخلق بالأسماء فاختلفت العبارات وتوحد المعنى ونحن نرغب إلى الله ونضرع أن لا يحجبنا في تخلقنا بالأسماء الإلهية عن عبودتنا (السؤال الثامن والأربعون ومائة) قوله السلام عليك أيها النبي الجواب لما كانت الأنبياء بصفة تقتضي الاعتراض والتسليم شرع للمؤمن التسليم ومن سلم لم يطلب على العلة في كل ما جاء به النبي ولا في مسألة من مسائله فإن جاء النبي بالعلة قبلها كما قبل المعلول وإن لم يجئ بها سلم فقال السلام عليك أيها النبي وقد بينا معناها في باب الصلاة من هذا الكتاب في فصول التشهد وإذا قال هذا النبي فالمسلم عليه منه هو الروح (السؤال التاسع والأربعون ومائة) قوله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين الجواب يريد التسليم علينا لنا إذ فينا ما يقتضيه الاعتراض منا علينا فنلزم نفوسنا التسليم فيه لنا ولا نعترضه ولا سيما إذا رأينا أن الحكم الذي يقتضي الاعتراض صدر من الظاهر في هذا المظهر الذي هو عيني فنسلم ولا بد علينا وعلى عباد الله الصالحين للاشتراك في العطف أي لا يصح هذا العطف بعباد الله الصالحين إلا بأن يكون بتلك الصفة الصالحة وحينئذ يكون السلام علينا حقيقة وقد بينا أيضا هذا المعنى في باب الصلاة من هذا الكتاب في فصول التشهد قال تعالى فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة فقد أمرنا بالسلام علينا لنحظى بجميع المراتب في امتثال الأمر الإلهي وهذا يدلك على أن الإنسان ينبغي أن يكون في صلاته أجنبيا عن نفسه بربه حتى يصح له أن يسلم عليه بكلام ربه فإنه قال تحية من عند الله مباركة طيبة فهو سلام الله على عبده وأنت ترجمانه إليك (السؤال الخمسون ومائة) أهل بيتي أمان لأمتي الجواب قال صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت فكل عبد له صفات سيده وأنه لما قام عبد الله فأضافه إليه صفة أي صفته العبودة واسمه محمد وأحمد وأهل القرآن هم أهل الله فإنهم موصوفون بصفة الله وهو القرآن والقرآن أمان فإنه شفاء ورحمة وأمته صلى الله عليه وسلم من بعث إليهم وأهل بيته من كان موصوفا بصفته فسعد الطالح ببركة الصالح فدخل الكل في رحمة الله فانظر ما تحت هذه اللفظة من الرحمة الإلهية بأمة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا معنى قوله تعالى ورحمتي وسعت كل شئ ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة فقال بالمؤمنين رؤوف رحيم وما من أحد من الأمة إلا وهو مؤمن بالله وقد بينا فيما تقدم من هذا الكتاب في باب سلمان منا أهل البيت فأغنى عن الكلام في أهل البيت طلبا للاختصار قال تعالى لما وصف ووصى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ثم أعلمهم أن ذلك كله بكونهن أزواجه صلى الله عليه وسلم حتى لا ينسبن إلى قبيح فيعود ذلك العار على بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فببركة أهل البيت وما أراد الله به من التطهير بقوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت تفعل الأزواج ما أوصيناهن به ويطهركم تطهيرا من دنس الأقوال المنسوبة إلى الفحش وهو الرجس فإن الرجس هو القذر فكان أهل البيت أمانا لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوقوع في المخالفات التي يعود عارها على أهل البيت فكذلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم لو خلدت في النار لعاد العار والقدح في منصب النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا
(١٢٦)