لهم إليه تعالى إلا والرسول هو الحاجب فلا يشهدون منه أمرا إلا ويرون في سيرهم قدم الرسول بين أيديهم ولا يخاطبهم إلا بلسانه ولغته كمحمد الأواني قال تركت الكل ورائي وجئت إليه فرأيت أمامي قدما فغرت وقلت لمن هذا اعتمادا مني إنه ما سبقني أحد وإني من أهل الرعيل الأول فقيل لي هذه قدم نبيك فسكن روعي والحالة الأولى هي حالة عبد القادر وأبي السعود بن الشبل ورابعة العدوية ومن جرى مجراهم وأصحاب الايمان إذا كانوا علماء جمع لهم بين الأمرين فهم أكمل الرجال بشرط أنهم إذا ساروا إليه وأخذوا مجالسهم عنده بالحديث المعنوي كما تقدم وحديث السمع رأوا سريان سره تعالى في الموجودات من قوله من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا ومن كونه ينزل إلى السماء الدنيا التي لا أقرب منها فإنها أقرب من حبل الوريد فالتحق عنده عالم الطبع بالعالم الروحاني وعاد الوجود عنده كله ملأ أعلى ومكانة زلفى فلم يحجبه كون ولا شغله عين واستوى عنده الأين وعدم الأين وكان وما كان فرآه في الحجاب والعسس وسمع كلامه وحديثه في الغث والجرس هذا صفة سيرهم على طبقاتهم ومنهم من كان سيره فيه بأسمائه فهو صاحب سير منه وإليه وفيه وبه فهو سائر في وقوفه وواقف في سيره والخضر والأفراد من أهل هذا المقام ومن هنا كانت قرة عينه صلى الله عليه وسلم في الصلاة لأنه مناج مع اختلاف الحالات المحصورة من قيام وركوع وسجود وجلوس ما ثم أكثر من هذه الأركان وهي حالات تربيع روحاني فأشبهت العناصر في التربيع فحدثت صور المعاني من امتزاج هذه الحالات الأربعة كما حدثت صور المولدات الجسمية الطبيعية من امتزاج هذه العناصر (السؤال الثالث عشر) فإن قلت ومن الذي يستحق خاتم الأولياء كما يستحق محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة فلنقل في الجواب الختم ختمان ختم يختم الله به الولاية وختم بختم الله به الولاية المحمدية فأما ختم الولاية على الإطلاق فهو عيسى عليه السلام فهو الولي بالنبوة المطلقة في زمان هذه الأمة وقد حيل بينه وبين نبوة التشريع والرسالة فينزل في آخر الزمان وارثا خاتما لا ولي بعده بنبوة مطلقة كما أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة لا نبوة تشريع بعده وإن كان بعده مثل عيسى من أولي العزم من الرسل وخواص الأنبياء ولكن زال حكمه من هذا المقام لحكم الزمان عليه الذي هو لغيره فينزل وليا ذا نبوة مطلقة يشركه فيها الأولياء المحمديون فهو منا وهو سيدنا فكان أول هذا الأمر نبي وهو آدم وآخره نبي وهو عيسى أعني نبوة الاختصاص فيكون له يوم القيامة حشران حشر معنا وحشر مع الرسل وحشر مع الأنبياء وأما ختم الولاية المحمدية فهي لرجل من العرب من أكرمها أصلا ويدا وهو في زماننا اليوم موجود عرفت به سنة خمس وتسعين وخمسمائة ورأيت العلامة التي له قد أخفاها الحق فيه عن عيون عباده وكشفها لي بمدينة فاس حتى رأيت خاتم الولاية منه وهو خاتم النبوة المطلقة لا يعلمها كثير من الناس وقد ابتلاه الله بأهل الإنكار عليه فيما يتحقق به من الحق في سره من العلم به وكما أن الله ختم بمحمد صلى الله عليه وسلم نبوة الشرائع كذلك ختم الله بالختم المحمدي الولاية التي تحصل من الورث المحمدي لا التي تحصل من سائر الأنبياء فإن من الأولياء من يرث إبراهيم وموسى وعيسى فهؤلاء يوجدون بعد هذا الختم المحمدي وبعده فلا يوجد ولي على قلب محمد صلى الله عليه وسلم هذا معنى خاتم الولاية المحمدية وأما ختم الولاية العامة الذي لا يوجد بعده ولي فهو عيسى عليه السلام ولقينا جماعة ممن هو على قلب عيسى عليه السلام وغيره من الرسل عليهم السلام وقد جمعت بين صاحبي عبد الله وإسماعيل بن سودكين وبين هذا الختم ودعا لهما وانتفعا به والحمد لله (السؤال الرابع عشر) بأي صفة يكون ذلك المستحق لذلك الجواب بصفة الأمانة وبيده مفاتيح الأنفاس وحالة التجريد والحركة وهذا هو نعت عيسى عليه السلام كان يحيى بالنفخ وكان من زهاد الرسل وكانت له السياحة وكان حافظا للأمانة مؤديا لها ولهذا عادته اليهود ولم تأخذه في الله لومة لائم كنت كثير الاجتماع به في الوقائع وعلى يده تبت ودعا لي بالثبات على الدين في الحياة الدنيا وفي الآخرة ودعاني بالحبيب وأمرني بالزهد والتجريد وأما الصفة التي استحق بها خاتم الولاية المحمدية أن يكون خاتما فبتمام مكارم الأخلاق مع الله وجميع ما حصل للناس من جهته من الأخلاق فمن كون ذلك الخلق موافقا لتصريف الأخلاق مع الله وإنما كان ذلك كذلك لأن الأغراض مختلفة
(٤٩)