ومن ذلك ما نحن فيه، فإنه بعد التأمل الشديد في المآثير، والتدبر التام في الأخبار، ربما يظهر أن المقصود ليس عنوانا خاصا وتحديدا إلزاميا شرعيا، بل المقصود من المجموع بيان الحد العرفي المتسامح فيه ل " الكثير " وأن ما هو القليل هو القليل حسب نظر العرف، كالمياه في الأواني والظروف والقدور، وشدة الاختلاف في الأخبار تشهد على ذلك.
كما أن بعض الأمور الأخر، يبعد هذا المرام، إلا أن الفقيه كل الفقيه لا بد له من مراعاة جميع المقربات والمبعدات، حتى يتوجه إلى ما هو المقصود الأصلي بين الروايات.
فإذا تمكنت من تصوير مصب البحث، وعرفت أنه ليس بحثا إبداعيا بعيدا عن الأذهان، وعلمت أن بعض المسلمين ذهبوا إلى ذلك، كما صرح به الرازي في كتابه الكبير نقلا عن ابن سيرين ومسروق (1)، قائلين: باعتبار الكثرة والقلة، من غير التحديد لهما، فإنه يعلم من ذلك، أن المناط في الانفعال هو القلة العرفية، والمناط في عدمه هي الكثرة العرفية، ويستظهر من المآثير الحدود المتعارفة من الكثرة والقلة، فيسهل لك تصديق ما أبدعناه إذا ساعدته الروايات، وإلا فلا بد من الغور في المباحث الأخر.
الأخبار الدالة أو المؤيدة لإرادة الكثرة العرفية فإليك أخبار تدل أو تؤيد - من النصوص والاطلاقات - ذلك الأصل الذي يصعب الآن عليك تصديقه: