وهذا مما لا يمكن الالتزام به، حسب ما يؤدي إليه النظر، ويدل عليه الأثر.
بل المدار على الكثرة العرفية القريبة من المصاديق المعينة في المآثير والروايات حسب الأوزان والأكيال. وتلك الحدود المشار إليها في الأخبار، متسامح فيها، لأن المناط هي الكثرة الجامعة لها، والمشتركة فيها.
وغير خفي: أن هذا المطلب لو تم، يرتفع به تعارض المآثير، واختلاف التحديدات، والاشكالات غير القابلة للانحلال، حسب ما يؤدي إليه نظر العرف في الجمع بين الروايات، وكأنه حد وسط بين القول بانفعال الماء القليل، وبين نفي الماء الكثير الشرعي، ولا يكون خرقا للاجماع، إلا أنه ليس من الاجماع الكاشف عن رأي المعصوم بالضرورة، بعد الاختلاف الكثير الناشئ عن المآثير الواصلة، فالمناط هو ما يؤدي إليه النظر في الجمع بين شتات المآثير والروايات.
فتحصل: أن دعوى حكم العقل بإيجاب التحديد الشرعي - لئلا يلزم الحيرة على المكلفين في معنى القلة والكثرة - فاسدة جدا.
وتعيين الحد في مفهوم الإقامة في السفر بالعشرة أيام، لا يورث شيئا، ضرورة أن كثيرا من العناوين المأخوذة في الأدلة، مختلفة الصدق حسب الأنظار، وأي عنوان أعظم تشتتا فيه مثل عنوان الخبيث الذي حرم - حسب ما قيل - في الشريعة؟! مع أن الخبائث والرذائل، كثيرا ما تختلف باختلاف العادات في الملل والأقوال، بل والأشخاص، وعناوين المكيل والموزون تختلف في العصور والأمصار، بل أفتى المشهور بأن كثير السفر يتم، وأحالوا ذلك إلى العرف.