بيان للمعارضة بين الأصلين وربما يخطر بالبال أن يقال: بمعارضة الأصل الجاري في ناحية إبقاء القلة إلى الملاقاة، بالجاري في الطرف الآخر بوجه آخر، وهو أن المقصود من تأخر الملاقاة إلى الكرية، إن كان إثبات أن اللقاء كان على الكر، أو أن الكر لاقى النجس، فهو من المثبت بالمعنى الذي ذكرناه، لا بالمعنى الذي أفاده القوم رضي الله عنهم.
وإن كان المقصود نفس التعبد بعدم الملاقاة إلى الكرية، فهو ليس مثبتا بالضرورة، فعليه يرجع إلى قاعدة الطهارة أو استصحابها.
ولو صح ما قيل: من أن الأصل الجاري في الطرف الأول كان مثبتا يلزم جريان هذا الأصل بلا معارض.
هذا كله فيما كان تأريخ الحادثين مجهولا.
مقتضى الأصول العملية في معلوم الكرية تأريخا وأما لو كان تأريخ الكرية معلوما، فإن قلنا: بعدم جريان الأصل في معلوم التأريخ، لقصور الأدلة عن شموله، فالقول بالطهارة متعين، لأن نفس التعبد بعدم الملاقاة إلى زمن الكرية، كاف في ترتيب آثار الطهارة.
ولو أشكل الأمر في جريانه - وهو أن نفي السبب، لا يستلزم نفي المسبب إلا عقلا، فنفي الملاقاة لا يكفي لترتيب آثار الطهارة - فلا محيص عن قاعدة الطهارة.