المقام الأول: في قضية الأدلة الاجتهادية وهي مختلفة، فإن منها ما يستدل بها على الطهارة في جميع الصور، ومنها ما يستدل بها عليها في بعض منها.
فمن الأولى: المشهورة المعروفة الصحيحة: الماء إذا بلغ قدر كر لا ينجسه شئ (1).
فإن إطلاق الموضوع يشمل الماء المتنجس، وإذا بلغ بأي شئ كان إلى كر - بحيث يصدق عليه الكر من الماء - لا ينجسه شئ، وحيث لا معنى لعدم تنجيسه الشئ بعد تنجسه، فلا بد من زوال النجاسة ببلوغ الكرية، حتى تصح الدعوى على الاطلاق.
ودعوى الاهمال، والأخذ بالقدر المتيقن منه - وهو الماء الطاهر - كدعوى الانصراف في عدم تمامية الوجه الصحيح له.
وهذا التقريب لعدم ظهوره بذهن أحد، بعيد عن المتفاهم العرفي، ولكن بعد المراجعة إلى فهم الأصحاب - رضي الله عنهم - في صحيحة ابن بزيع (2)، وأن التعليل الوارد في ذيلها راجع إلى جملة محذوفة، وإلا لا يستقيم التعليل، يسهل عليهم قرب ذلك هنا، لأن الاطلاق لا يستقيم إلا بزوال