توهم ودفع وتوهم: أن هذا البيان ينعكس بالنسبة إلى النجاسة، فيقال:
الطهارة مجعولة، وعند انتفائها يترتب أحكام النجاسة، فاسد جدا، ضرورة أن الشريعة اعتبرت نجاسة الأشياء الكثيرة، كالكفار والكلاب والخنازير وغيرها، وعدها قذرا ونجسا، وهكذا ملاقي هذه الأمور اعتبر نجسا، يترتب آثار القذارات العرفية عليه، ولا يعهد هذا في سائر الأشياء، ولا دليل لفظي متعرض لجعل الطهارة الواقعية لها.
قاعدة الطهارة لا تفي بجعل الطهارة الواقعية للأشياء اللهم إلا أن يقال: بأن عموم قاعدة الطهارة، تقضي بمجعوليتها لكل الأشياء، ولا تنافي بين شمولها للظاهرية والواقعية، ولكنه ممنوع ثبوتا.
ولو فرضنا إمكانه، فكون الجملة الواحدة ظاهرة فيهما معا، غير تام، ولا ريب في ظهورها - بمناسبة الغاية - في جعل الطهارة للمشكوك، ولا يلزم من جعلها على المشكوك، جعلها على الواقع قبله، أو التزامه بها وارتضاؤه كما لا يخفى، ضرورة أن الشك في طهارة شئ ونجاسته، لا يعقل مع كون جميع الأشياء طاهرا، وهكذا لو كان الجميع نجسا.
وأما لزوم كون طائفة منها طاهرا فهو ممنوع، لأنه إذا لم يجعل الشرع طائفة منها نجسا، فإنه يستلزم الشك في نجاسة شئ وعدمها، فيجعل على المشكوك الطهارة.