والالتزام بعدم لزوم طهارته على الاطلاق مشكل، وفرار عن الشبهة.
فلو أمكن جميع ذلك، لما يمكن المصير إلى القول بالطهارة، لأن سيرة المتشرعة المتلقاة يدا بيد من الأسلاف، ليست منشؤها المآثير والروايات، فهي على النجاسة كهي على أن صلاة الصبح ركعتان وهكذا، وهذا أمر يعرفه كل صغير وكبير، ومن البديهيات الملحقة بالقطعيات.
كلام المحدث الكاشاني والجواب عنه والعجب منه (قدس سره)!! حيث قال في الوافي: ومما لا شك فيه، أن ذلك لو كان شرطا، لكان أولى المواضع بتعذر الطهارة، مكة والمدينة المشرفتين، إذ لا يكثر فيها المياه الجارية، ولا الراكدة الكثيرة، ومن أول عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آخر الصحابة، لم ينقل واقعة في الطهارة، ولا سؤال عن كيفية حفظ الماء عن النجاسات، وكانت أواني مياههم يتعاطاها الصبيان والإماء الذين لا يتحرزون عن النجاسات، بل الكفار كما هو معلوم لمن تتبع انتهى (1).
وأنت خبير: بأن المشهور بين معاصري الصحابة والخلفاء، القول بالتحديد في المياه، وهل هذا إلا لذهابهم إلى تنجسه كما صرح به أبناؤهم؟!
ولو كان الأمر كما توهمه، لما كان وجه لاختلاف فقهاء تلك العصور في هذه المسألة مع قرب عهدهم، وقد مضى أن عبد الله بن عباس المتوفى