الركوع والسجود، فظاهر الأخبار أن الإمام يومي وهم يركعون ويسجدون، ولكن اختلفت كلمات الأصحاب في ذلك، فمنهم من عمل بظاهر الأخبار من أن المأمومين يركعون ويسجدون والإمام يومي، ومنهم من قال بالايماء في الجميع. والأقوى هو الأول، لأن نسبة ما تقدم من الأخبار من أن الجالس يومي للركوع والسجود مع هذه الأخبار نسبة الأعم المطلق، فيجب تخصيص تلك الأخبار بغير صورة الجماعة، ولا استبعاد فيه أصلا، إذ من الجائز أن يكون للجماعة خصوصية أوجبت عدم الانتقال إلى الايماء، بل يمكن أن يقال: إن ما دل على أن الجالس يومي للركوع والسجود ولا يركع ولا يسجد إنما كان مختصا بصورة عدم الأمن عن الناظر، وهذا المعنى مفقود في الجماعة، فإنه مع وحدة الصف والتصاق بعضهم ببعض يكونوا في حال الركوع والسجود آمنين، لعدم تمكنهم عادة من النظر إلى سوأة الآخر الملاصق له، وهذا بخلاف حال قيامهم، لامكان نظر كل واحد إلى عورة الآخر، وهذا هو الذي أوجب انتقالهم من القيام إلى الجلوس.
وبالجملة: إمكان النظر إلى عورة الآخر في حال القيام وعدم إمكانه في حال الركوع والسجود أوجب إيجاب الجلوس عليهم والركوع والسجود التام، وما يقال: من أن لازم ذلك هو التعدي إلى كل آمن في حال الركوع والسجود مع عدم أمنه في حال القيام ولو كان فرادى، وهذا ينافي ما دل على أن غير الآمن يجلس ويومي، من غير تفصيل بين أمنه في حال الركوع وعدم أمنه، إنما يستقيم مع وجود الدليل على ذلك، وإلا هو بنفسه أمر ممكن إلا أنه لا دليل عليه، وما ذكرناه في الجماعة من أن أمنهم في حال الركوع والسجود وعدم أمنهم في حال القيام أوجب انتقالهم إلى الجلوس مع فعلهم الركوع التام والسجود كذلك، إنما كان لمحض الاستئناس، وإلا لم يرد التعليل بذلك في